برلسكوني والكلاب

بعد الاعتذار لمحبي الكاتب الكبير حامل "نوبل في الأدب" نجيب محفوظ، صاحب رواية "اللص والكلاب"، أقول إن هذا العنوان ظل يناكفني منذ أن قرأت مقترح رئيس الوزراء الإيطالي السابق "سيلفيو برلسكوني" أن يتبنى الشعب الإيطالي الكلاب والقطط الضالة في شوارع الجمهورية الإيطالية.
برلسكوني صاحب السجل الأسوأ في العمل السياسي الإيطالي يقف اليوم متهما في قضايا سوء استغلال السلطة، وتقديم الرشا لمسؤولين حزبيين، والإساءة لسمعة آخرين، وآخرها وأخطرها ترويج الجنس بين الأطفال. يُضاف هذا إلى قضية أخرى بت فيها القضاء وهي التهرب الضريبي رغم أنه كان رئيس الحكومة التي تعيش على ما يقدمه دافعو الضرائب.
الرجل عاش الحياة بعرضها وطولها، ومارس الكثير من السلوكيات الماجنة التي استمرت معه بعد أن تجاوز الـ 70 عاما. بعلاقاته المشبوهة مع المافيا ودفاعه المستميت عن رموزها، إلى العلاقات الجنسية مع فتيات يصغرنه بأكثر من 50 عاما في السن، إلى تكوين تحالفات مشبوهة في سبيل الإساءة لسمعة خصومه لأكثر من أربعة قرون.
نراه اليوم ينظر بعين الرحمة والعطف على الكلاب والقطط، وتمثل بالأخت "تيريزا" التي عاشت حياتها في مناطق الفقر في آسيا لتصبح واحدة من أكبر رموز المحبة والإنسانية في العصر الحديث. فهل يمكن أن يكون "برلسكوني" بعد تقاعده "تيريزا" جديدة؟
لا يمكن أن يكون، فماذا دفع برلسكوني لهذه الدعوة التي ذكرني فيها بـ "بريجيت باردو" التي تبنت الدفاع عن حقوق الحمير؟
أحد أغراض هذه الدعوة ــــ كما قد يتوقع الكثير من القراء ــــ هو ضمان المزيد من الأصوات في الانتخابات. فاستغلال حب الناس لهذه الحيوانات هو ما دفع برلسكوني لتشجيع الأحزاب المعتدلة لسلوك مثل هذا، على أن يكون ضمن خطة مرسومة تشمل إعلان هذا التبني في الصحف والمجلات وكل وسائل الإعلام.
هناك المزيد، فبحكم أن برلسكوني يملك أكبر مؤسسة إعلامية في إيطاليا، فسيربح من الجهتين، فمع المزيد من الأصوات التي سيكسبها حزبه، ستحقق شركاته الأرباح من خلال الإعلانات التي تتبنى هذه الحيوانات. لتفضح الكلاب نيّات اللص الجديد، كما فضحت لصوصاً كثيرين قبله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي