شركة الاستثمارات الصناعية .. خطوة ولكن

أعلن مجلس الوزراء الترخيص للشركة برأسمال يبلغ بليوني ريال بشراكة (50 % صندوق الاستثمارات العامة، 25 % لأرامكو، و25 % لسابك). تأسيس الشركة ذكرني بحديث مع أحد مسؤولي الشركاء قبل سنتين تقريبا حول دعم الغاز (مقابل) ضعف البيئة القاعدية للصناعة البتروكيماوية في المملكة (الإيكو سيستم - Eco system)، ودور ذلك في رفع تكاليف التصنيع لدينا. تحديدا ذكر الترخيص للصناعات التحويلية، بينما تحدث المفضي والفالح والماضي عن مشاريع بنية تحتية وصناعات متنوعة وليس فقط الصناعات التحويلية المعتمدة على الصناعة البتروكيماوية، جاء وصف مجالات الشركة طبقا لما ذكرته جريدة "الرياض" بتاريخ 27 آذار (مارس). نقصد بالإيكو سيستم (البيئة الجامعة التي تمكننا من بناء قاعدة صناعية أفقيا ورأسيا قادرة على أن تتعدى استغلال الموارد إلى الإبداع وليس جزرا صناعية هنا وهناك). لم يذكر الترخيص أو حديث الشركاء هذه الجزئية بالتحديد ولذلك هناك فراغ كبير.
حققت الصناعة البتروكيماوية نقلة نوعية مهمة ومدخلا لا يستهان به لجعل الصناعة خيارا استراتيجيا للمملكة، ولكن هذه الصناعة تتميز بأنها ذات رأسمال عال، وتوظف أعدادا قليلة نسبيا على المطلق، وقياسا على المبالغ المستثمرة. كما أن هذه الصناعة بالرغم من بعض الصناعات التحويلية إلا أنها لم تتمكن من القيام بالدور المرجو: تحويل اقتصاد المملكة إلى اقتصاد صناعي. التحول إلى اقتصاد صناعي يتطلب جسورا تشكل عصب الإيكو سيستم. لعل السؤال الرئيس: هل هذه الخطوة برأسمال صغير وترخيص يذكر مجالا واحدا وخطابا من الشركاء يذكر مجالات ترتقي إلى تطوير الإيكو سيستم في بعض ما ذكر؟ هل يمكن لها فعلاً تحقيق ذلك، خصوصاً أن الترخيص لم يأت على ذكر هذا البعد الاستراتيجي بالتحديد؟ فمثلا يستحسن دخول شركة معادن لإعطاء القاعدة الصناعية بعدا شموليا، خاصة أن الكثير من الصناعات التحويلية تتقاطع فيها المجالات كما ذكر بعض الشركاء. فهناك صناعات تعدينية تتقاطع مع الصناعات التحويلية، كما أن مهارات الحدادة وعلم المواد وقطع الغيار في تداخل ملزم. كما أن طبيعة الإيكو سيستم تتطلب إعادة التفكير في الجوانب الناعمة من الصناعة مثل مدى الصعوبات التي تواجه الصناعات التحويلية الصغيرة نظاميا وتنظيميا، والكوادر البشرية والوعي بسلسلة القيمة المضافة والتنسيق مع استراتيجية الصناعة، فمثلا هناك دعم يذهب جله إلى الشركات التي حصلت على دعم لم يمتد إلى الصناعات التحويلية.
تأسيس الشركة جاء كخطوة لتعميق الصناعة ولكن التعميق بطبعه يتطلب شركات صغيرة تعتمد على الإبداع ودور رئيسي للقطاع العام في إعداد الإيكو سيستم. هناك حاجة إلى إعادة النظر في بنود الترخيص لكي يكون أكثر شمولية وعمقا ودخول معادن ورفع رأس المال (عشرة أضعاف رأس المال المقترح)، خاصة أن نسبة الاستثمار في المملكة لا تزال قليلة في ظل وفرة مالية ومحدودية نجاح الخيار الصناعي إلى حد الآن. كذلك هناك حاجة لتفعيل الإيكو سيستم، وأن يكون أحد أهم أغراض الشركة تطوير البيئة الصناعية والوعي بقاعدة الإمداد supply chain ومراحلها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي