طاقة الرياح وقوة تحمل توربينات الرياح

المقصود بطاقة الرياح هو تحويل طاقة الرياح إلى شكل مفيد من أشكال الطاقة، مثل استخدام توربينات الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية، أو طواحين الهواء لتوليد الطاقة الميكانيكية، أو مضخات الرياح لضخ المياه أو الصرف الصحي، أو الأشرعة لدفع السفن الشراعية.
وتتكون مزارع الرياح الكبيرة من المئات من توربينات الرياح الفردية التي تتصل بشبكة نقل الطاقة الكهربائية. وبالنسبة للأبنية الجديدة تعد طاقة الرياح البرية مصدرا رخيصا للطاقة الكهربائية، وقادرا على المنافسة مع محطات الوقود الأحفوري، كما تعتبر أقل تكلفة منها في العديد من الأماكن.
وتتكون الرياح نتيجة تيارات الحمل الحراري الضخمة في الغلاف الجوي للأرض، المتولدة عن الطاقة الحرارية للشمس. وهذا يعني أنه طالما تشرق الشمس، فسيكون هناك رياح. ويضم سطح الأرض كلا من اليابسة والمياه على حد سواء، وعندما تشرق الشمس فإن الهواء على سطح الأرض ترتفع درجة حرارته بشكل أسرع من الهواء على سطح الماء. والهواء الساخن أخف وزنا فيرتفع إلى الأعلى، بينما الهواء البارد أكثر كثافة فيهبط إلى الأسفل ويحل محل الهواء الملاصق لسطح الأرض. وفي الليل يحدث العكس، فالهواء فوق المياه يكون أكثر دفئا ويرتفع إلى الأعلى ليحل محله الهواء البارد من فوق سطح الأرض. ويحتوي الهواء المتحرك (الرياح) على كميات كبيرة من الطاقة الحركية التي يمكن تحويلها إلى طاقة كهربائية باستخدام توربينات الرياح.
وبالنظر إلى طاقة الرياح كبديل للوقود الأحفوري نجدها وفيرة، ومتجددة، وموزعة على نطاق واسع، ونظيفة، ولا ينتج عنها أي انبعاثات للغازات المسببة للاحتباس الحراري أثناء التشغيل، وتستخدم القليل من المساحة. وآثار هذه الطاقة في البيئة عادة ما تكون أقل خطورة من آثار مصادر الطاقة الأخرى. وفي نهاية عام 2012 وجد أن 1662 توربينا في 55 مزرعة رياح بحرية في أوروبا تولد 18 تيراواط ساعة، وهي كمية من الطاقة يمكن أن تفي باحتياجات ما يقرب من خمسة ملايين أسرة. وفي عام 2010 كان إنتاج طاقة الرياح أكثر من 2.5 في المائة من إجمالي استهلاك الكهرباء في جميع أنحاء العالم، وهي طاقة تنمو بسرعة بمعدل أكثر من 25 في المائة سنويا.
ووفقا لأحدث أبحاث كلية الأعمال التجارية في إمبريال كوليدج بالمملكة المتحدة، يمكن لتوربينات الرياح أن تنتج الكهرباء لمدة 25 عاما قبل أن تحتاج إلى التحديث، وهذا وقت أطول بكثير مما كان يعتقد سابقا. وتفتخر المملكة المتحدة بتوظيفها لعدد 4246 توربين رياح فرديا في 531 مزرعة رياح. وقد تضمن البحث المعد من قبل باحثي كلية الأعمال التجارية في إمبريال كوليدج تحليلا شاملا على المستوى الوطني لهذا الأسطول من التوربينات، مستخدما بيانات فترة زمنية تقارب العقدين. وقد وجدوا أن أقدم التوربينات - التي بنيت في تسعينيات القرن العشرين - لا تزال تنتج ثلاثة أرباع إنتاجها الأصلي بعد مرور 19 عاما. وعلاوة على ذلك ينبغي للتوربينات أن تستمر في العمل نحو 25 عاما قبل أن تحتاج إلى التحديث، وهو عمر افتراضي يتساوى مع عمر التوربينات المستخدمة في محطات توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي.
وكان قد توقع بحث سابق انخفاض إنتاج التوربينات بمقدار الثلث في فترة قليلة لا تتجاوز عشر سنوات، مع إمكانية احتياجها إلى الاستبدال عند ذلك. وقد حث هذا الاكتشاف المعارضين على رفض طاقة الرياح باعتبارها استثمار مالي فاشل.
ويقول الأستاذ ريتشارد غرين - المؤلف المشارك للبحث ورئيس قسم الإدارة بكلية الأعمال التجارية في إمبريال كوليدج: "كانت هناك مخاوف بشأن تكاليف صيانة مزارع الرياح المتقادمة في العمر، وما إذا كان الاستثمار بها مجديا أم لا، وهذا البحث يشهد 'بامتياز' هذه التقنية ويظهر قيمة هذه الطاقة المتجددة على المدى الطويل".
استخرج البحث البيانات من وكالة ناسا لتحديد سرعة الرياح في كل مزرعة رياح برية في المملكة المتحدة على مدار عقدين. ثم قارن الباحثون تلك الأرقام بالإنتاج الفعلي المسجل للكهرباء من كل مزرعة رياح بهدف صياغة معادلة لتحديد آثار الإهلاك والاستهلاك على التوربينات. وقد استخدم البحث السابق الذي توصل إلى عمر افتراضي منخفض منهجا أقل دقة بكثير، حيث اعتمد فقط على متوسط تقديرات سرعات الرياح على الصعيد الوطني.
وبعيدا عن الأرقام المرتفعة، فقد وجد الباحثون أيضا أدلة على أن أحدث التوربينات أداؤها أفضل حتى من الطرز القديمة، ما يشير إلى أن عمرها يمكن أن يتجاوز حد الـ 25 سنة.
وليس هناك مقاس واحد يناسب الجميع عند الحديث عن الحل الأمثل لتوليد الطاقة دون التسبب في أضرار للبيئة. فلا شك أن طاقة الرياح لها فوائد عديدة، ولكن جانبها السلبي يمنع الكثير من الناس من الاستفادة من هذا المورد الطبيعي الوفير. حيث قد لا تكون هذه الطاقة وحدها هي الحل لاحتياجات العالم الكهربائية، ولكن عند توظيفها مع غيرها من مصادر الطاقة المتجددة، يمكن أن تساعدنا في الحد من الاعتماد على الفحم والنفط. لذلك فقبل أن تقرر الاعتماد على توربينات الرياح، عليك أولا أن تقيس بدقة جميع إيجابيات وسلبيات طاقة الرياح قبل أن تقرر مناسبتها لظروفك من عدمها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي