السيستم حرامي
ما الذي يفعله مرتادو الأندية الرياضية كل يوم؟ ليست كل من ترتاد النادي لديها الهدف نفسه والقوة نفسها والإمكانات نفسها لتبقى فيه الساعات الطوال، يختلف مقدار الوقت ويختلف مقدار العزيمة وتختلف الأهداف، ويبقى النادي مكانا ليس فقط لجمال الأجسام ورشاقتها، بل هو أعمق من ذلك بكثير.
كي يكون الجسم على قدر من الرشاقة والجمال عليه أن يتخلص من الزائد لكنه لا يفعل ذلك فحسب، بل يحوّل الشحوم إلى عضلات ليشد قوامه ويزهو، وكي يحدث ذلك فيزيائيا في تفاصيل الجسد فإن هذا يعني أن يصل الدم إلى كل أرجاء الجسد، ليتمكن الدم أن ينضح في كل الخلايا فيحييها ويحافظ على حياتها حتى لا تبقى في الجسد أرجاء خاملة أو ميتة أو مترهلة،
وبذلك يتحول شأن الرياضة من رفاهية إلى "ضرورة" ما دامت متعلقة بحياة التفاصيل الصغيرة أو موتها.
في تطبيق الصلاة الذي أحمله في جوالي يخبرني بلطف كل مرة عن وقت الصلاة مرة يقول: أسرعي إليها فالملائكة تنتظرك! ومرة قال كما تحافظ على لياقة جسدك في النادي حافظ على لياقة روحك في الصلاة!
فكرة اللياقة تبدو لي (مسؤولية) كبيرة أكثر من أنها (ترفا)، فإذا كانت مهمة جدا على مستوى الروح والجسد فكيف بها على مستوى الأفكار والشعور؟ فكيف تكون رشيقا مرنا في تفكيرك وشعورك وأخلاقك ما لم تتمرن بكل ما أوتيت من جهد ومراجعة وتقليم دائم لما يزيد وينمو بداخلك من تجارب وأفكار وقراءات ورحلة حياة كاملة؟
في يوم من أيام النادي الذي يكون مزدحما بالعادة كُتب على أحد الأجهزة الرياضية التي "تشغل" مكانا وبصيغة التأنيث: "عاطلة عن العمل"، ورغم أن الجملة المكتوبة كانت تصف جهازا جمادا إلا أني أحسست بأنها وسم إهانة لهذا الجهاز، فلماذا يترك يشغل المكان دون إصلاح أو استغناء وهو يرى غيره من الأجهزة التي تعمل وتنفع الآخرين.
ذكرني الجهاز بحال بعض موظفي الحكومة الذين يشغلون مكانا دون عمل حقيقي يقومون به بالفعل، وإذا كانت هذه الحقيقة بالنسبة لي محزنة, إذ كيف يرضى بعضهم أن يكون مجرد شاغل للمكان دون جدوى حقيقية؟ فوجئت قبل أيام بأمر محزن أكثر، إحداهن قدمت على جهة حكومية للعمل فتم قبولها وتعيينها دون علمها ولسنوات، كانت حين تسأل عن التعيين يقولون لها لم يحدث بعد، وبعد سنوات أدخلت رقم هويتها فإذا باسمها يظهر أنها على رأس العمل! رغم أنها لم تذهب يوما للعمل! وبعد المراجعة اكتشفت أنها متوظفة دون علمها وراتبها أيضا يصرف دون علمها، يبدو أن السيستم حرامي عيّنها وصرف رواتبها دون علمها ودون علم أحد أيضا! تقول مسؤولة لشؤون الموظفين إن هذا حدث لأكثر من شخص!! فإذا كنا نحزن ونتألم بشدة ممن ترضى بأخذ راتب دون عمل، يبدو أن البعض يفاجئك بمستويات أعلى فيرضى أن يأخذ راتب غيره ووظيفة غيره ولأعوام مديدة.