النجاح مقومات لا أمانٍ

في ظني أنه ما من أحد إلا ويتمنى النجاح في حياته العامة، وفي حياته الأسرية، وفي مجال عمله، لكن التمني شيء والأخذ بأسباب النجاح شيء آخر، ولذا نجد البعض لا يحالفهم النجاح بل إنهم يخرجون من تعثر إلى آخر وهكذا تكون حياتهم، وذلك لأنهم يتمنون دون أن يأخذوا بأسباب النجاح. فكرت في الموضوع خاصة النجاح والفشل في المجالات العامة وليست الضيقة.
المجالات العامة كالشركات، والدوائر الحكومية نجد بعضها تتوالى نجاحاته، ويشار لها بالبنان، في حين البعض نصيبه من النجاح محدود، ولذا لا بد أن يكون هناك أسباب تكمن خلف النجاح، وأسباب أخرى تكمن وراء الإخفاق، وإذا علمنا أسباب النجاح نستنتج أسباب الإخفاق، إذ بضدها تتميز الأشياء.
شخصية الرئيس، أو مدير المؤسسة، أو المنظمة في تعامله، وعلاقاته مع العاملين معه، وبالأخص امتلاكه الذكاء الاجتماعي الذي من خلاله يفهم، ويعرف الآخرين في طبائعهم، وخصائصهم، وطريقة تفكيرهم، واحتياجاتهم، وجوانب القوة، والقصور لديهم، وهذه المعرفة تمكن في النهاية من التأثير عليهم، وتوجيه سلوكهم، واستثمار طاقاتهم، بما فيه مصلحة العمل. كم تضررت هيئات حكومية وشركات من رئيس، أو مدير لا تتوافر فيه الشخصية المتزنة، القادرة على إدراك الأمور بالشكل الصحيح، ولا القادرة على التعامل بالشكل المناسب، ولذا لا غرابة أن تفشل هذه الهيئات في أداء مهماتها بسبب هؤلاء.
توفر فلسفة عمل لدى القائد، أو للمنظمة تعتمدها يعتبر شرطاً أساساً للنجاح، إذ الفلسفة توجه العمل، وتمثل إطاراً تنبثق منه أهداف المنظمة، ورؤيتها للمستقبل، ورسالتها التي هي معنية في تحقيقها، وكلما كانت الفلسفة التي تتبناها واضحة، ومعلنة للجميع كلما سارت المنظمة بالشكل الصحيح، وسلمت من التخبط. العمل وفق مرجعية قانونية سليمة يعطي المنظمة قوة، فهي تمارس نشاطها بصورة شرعية، ونظامية، تحفظ لها حقوقها من أن يتعدى عليها، وتحفظ للآخرين الذين تتعامل معهم حقوقهم، المرجعية القانونية تحفظ للمنظمة شخصيتها، وتعطي قوة لقراراتها، وهذا عكس المنظمات التي تفتقد الأساس القانوني لوجودها.
اللوائح، والأنظمة جعل المنظمة تعمل بصورة سلسة، وتحدد العلاقات بين منسوبي المنظمة، وهذا يسهل الإجراءات، ويزيل العقبات التي تعوق العمل، وباللوائح والأنظمة ينجز العمل دون اجتهادات فردية قد تكلف المنظمة الشيء الكثير.
الإمكانات المادية والبشرية تعتبر من المتطلبات الأساسية للنجاح في أي عمل، ولا يمكن تصور نجاح أي نشاط بدون متطلبات إنجازه، فالمتطلبات كالوقود للسيارة، إذ بدونه لا يمكنها أن تتحرك، فالمدرسة، أو الجامعة بحاجة لأساتذة، وقاعات دراسية، ومكتبة، ومختبرات، وملاعب، ومسرح لكي تتم العملية التعليمية بشكلها الصحيح.الإمكانات البشرية ليست بعددها فقط ولكن بمعرفتها، ومهاراتها، وإخلاصها، ودافعيتها للعمل وقدرتها على الأخذ بكل جديد يسهم في نجاح المنظمة في إنجاز عملها بالشكل المناسب والصحيح، أما الإمكانات المادية فيفترض أن تكون حديثة وتفي باحتياجات العمل.
تشخيص منظمات العمل وفق هذه المتطلبات، وهذه الأسس، والقواعد يكشف أن المنظمة التي تتحقق فيها تحقق نجاحاً وإنجازاً واضحاً، في حين أن المنظمة التي لا تتوافر فيها، أو ينقصها شيء لن تحقق أهدافها بالشكل الصحيح، ولو تحققت ستتحقق بعد كلفة باهظة وأخطاء تسيء للمنظمة، وتنال من سمعتها في الميدان.

د. عبد الرحمن الطريري

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي