حارس النوم

جزء كبير من حياتنا نقضيه في عالم آخر، نتفاعل معه نعيشه بكل تفاصيله، وقد يكون له تأثير في واقعنا. إنه "عالم الأحلام"، أحد أسرار النفس البشرية التي لم يتوصل العلماء حتى الآن لكشف غموضها، ولكنه ببساطة عبارة عن انطباعات وأفكار ومشاعر وأحداث تمر في عقلنا خلال فترة نومنا، قد تصل مدته إلى ساعة وأكثر في ليلة واحدة، ويقضي الإنسان عشر عمره في رؤية الأحلام. فالكل يحلم، ولكن البعض فقط يتمكن من تذكر تلك الأحلام.
ففيه نستخدم جميع حواسنا، نسمع ونشاهد ونشم وحتى نتذوق الأشياء، وقد يتكرر الحلم نفسه مراراً، ويتحول إلى كوابيس مفزعة.
لذا كان الناس وما زالوا يحاولون معرفة ما ترمي إليه تلك الأحداث والرموز في أحلامهم، فالإغريق والرومان يعتقدون أن الأحلام رسائل من آلهتهم، ويستخدمونها لإرشاد قادتهم العسكريين في ساحات المعارك، والصينيون يعتبرونها وسيلة للتواصل مع الموتى من أفراد العائلة.
أما الهنود الحمر فيعتبرون الأحلام عالما آخر يزورونه أثناء النوم. وفي القرآن الكريم ورد عديد من الرؤى والأحلام التي كانت لها دلالة على أرض الواقع. وتفسير الأحلام هبة من الله اختص بها بعض عباده.
وقد يكون الحلم ملهما، فهناك كثير من العلماء والأدباء والفنانين توصلوا إلى اكتشافات علمية وفنية، مثل اكتشاف الكيماوي فريدرك أغسطس شكل حلقة البنزين أثناء نومه، وتأليف الموسيقي ماكرتيني أغنيته الشهيرة "الأمس"، حيث ذكر أنها كانت ترن في أذنه عند استيقاظه من النوم!
يقول "فرويد" الحلم وسيلة لإشباع الرغبات اللا شعورية الناتجة عن صراع بين الرغبات الملحة والمقاومة النفسية لها، ويكثر هذا النوع من الأحلام لدى الأطفال والأشخاص الذين لا يستطيعون تحقيق ما يصبون إليه في واقعهم!
كما يقول إن الوظيفة الأساسية للحلم هي استمرار النوم، أي أن الحلم هو "حارس النوم"، فمثلا إذا أحس النائم بالجوع أو العطش تدخل الحلم لمنع هذا الشعور المقلق، فيحلم النائم بأنه يأكل ويشرب، وينجح الحلم غالبا في ذلك.
وفي بعض الأحيان تحمل الأحلام لغة مرمزة أو تعطي رؤية مفصلة لحدث مستقبلي، فما مصدر هذه الرؤى هل هو إدراك فوق حسي للعقل الباطن تتم ترجمته في العقل بهذا الشكل البصري والتخاطري؟ أم أن هناك تدخلا من عوالم خارجية تؤثر فينا أثناء نومنا؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي