مفردة «يدينون»

أقام والد أحد أبناء قريتي حفلاً الأسبوع الماضي بمناسبة شفاء ابنه الذي أصيب في مواجهات مع الخارجين على الدولة. تبعد قريتي أكثر من 1500 كيلومتر عن موقع الأحداث. ليس مهماً البعد الجغرافي في تحديد أو إثبات الانتماء الحقيقي للوطن، كلنا سعدنا أن أصيب ابننا وهو يدافع عن وطنه.
الوطن فوق كل شيء، ولن يفلح أعداؤه في محاولاتهم التذاكي على الرأي العام باستهلاك الألفاظ والمصطلحات بدل الأفعال.
يأتي من "يدين ويستنكر ويستغرب" ويستخدم كل مصطلح فضفاض ليحاول أن يقنعنا بأنه يعني ما يقول. ثم يجلس مع خلصائه، فيعبر عن تشجعيه ولنقل عدم ممانعته ــ في أفضل الأحوال ــ لما يفعله الخارجون على الدولة.
أُذكِّرُ هؤلاء بأن الأمر الملكي الكريم الذي بنيت مكوناته بشكل دقيق، سيكون الإطار الذي تعمل من خلاله أجهزة الدولة للحفاظ على وحدة الوطن وسلامة المواطن، ودحر المخططات والمؤامرات التي تحاك في الغرف المغلقة وفي الليل المظلم ضد الوطن.
بُنِي هذا الأمر وما تبعه من محاضر وبيانات رسمية صدرت عن وزارة الداخلية على معلومات دقيقة عن الأحزاب والتنظيمات والأشخاص الذين يعملون على بث السموم في المجتمع، والتأثير في الرأي العام.
لعل السنوات الماضية لم تشهد مواجهة هكذا بين الدولة والخارجين على القانون، رغم علم الأجهزة الأمنية بتوجهاتهم وسلوكهم وانتماءاتهم. السبب المهم وراء تلك المرونة في المواقف كان رغبة الدولة في احتواء مواطنيها وإقناعهم بأهمية اللُّحمة الوطنية وتأثير غيابها على أمن الوطن الذي عاش أبناؤه قروناً متوادين متحابين ضد كل تدخلٍ ودسيسةٍ أجنبية.
أما وقد كشفت الأقنعة وعلم كل واحد موقعه، وشاهدنا من الأحداث في المنطقة ما يثبت أهمية الولاء للوطن، ولم يرعوِ عملاء الخارج، فقد جاء وقت الحسم.
لم يعد هناك مكان للمغررين بالمواطن الشاب الذي يدفعه الحماس لاتخاذ مواقف تضره، أو استغلال الدين ولي أعناق الآيات لتحقيق المآرب الشخصية والتغرير بآخرين.
كما لم يعد بيننا مكان لعبارات مثل "يندد ويشجب ويستنكر" ممن يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك. وعلى وسائل الإعلام ألا تنجر وراء تصريحات هؤلاء الذين يقولون في العلن عكس ما يقولونه في الخفاء، أو يصرحون بكلمات فضفاضة لا تدين العدوان مباشرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي