مشايخ القطيف: تجريم الإرهاب موقف شرعي ثابت
لا خلاف على توصيف الإرهاب، كما أنه لا خلاف على نبذ حمل السلاح ضد الدولة وضد المجتمع، وأكد عدد من علماء القطيف والأحساء نبذهم ورفضهم القاطع أي ممارسات يقوم بها أي فرد كان، لأن العنف السياسي باب فتنة يجب أن يكون الموقف منه موحدا، فأمن الوطن يهم الجميع وليس مجالا للخلاف أو الاختلاف، كما أن التساهل في التعامل مع المتطرفين في الفكر يؤدي إلى نتائج غير مقبولة شرعا وغير مقبولة لدى المجتمع الذي، وإن تباينت مذاهبه، فإن مصادر الشريعة الإسلامية تؤكد حرمة الأنفس والأعراض والأموال، وهي من أصول الدين الإسلامي التي لا تختلف حولها المذاهب العقدية والفقهية.
وهذه المبادرة والإعلان الذي تبناه عدد من علماء القطيف والأحساء فيه رسالة للداخل والخارج أيضا، فهناك مرجفون ضالون مهتمهم الترويج الدائم لخلاف مجتمعي في البلاد، ويستشهدون عليه بأحداث فردية وتصرفات يقوم بها أشخاص لا يمثلون سوى أنفسهم، وليس هناك من يتبنى أجندتهم الإرهابية سوى خصوم الوطن الذين يتفقون في عدائهم للدولة والمجتمع، وهم في عدائهم للوطن لا ينطلقون من دين أو عقيدة أو مذهب، بل من فكر ضال طالما كان محل رفض من جميع فئات المجتمع السعودي، لأن الجميع عانى التطرف الفكري وتبني أفكار الجماعات والمنظمات المسلحة والعنيفة، وهي جماعات لا تفرق بين سني وشيعي، بل تضع الجميع في دائرة الاستهداف.
أيضا هناك رسالة للخارج، فالذين يعتقدون أنهم على مسافة قريبة من أبناء وأهالي القطيف والأحساء، وأن هناك عوامل مشتركة يمكن استغلالهم، واهمون، لأنه لا أحد من العقلاء يفرط في وطنيته ويسمح بأن يكون أداة في يد أعداء وطنه الذين لن يقدموا له شيئا، بل هو أداة فقط، ومن وجهة نظرهم أن من يخون وطنه ليس جديرا بالثقة، لذا فإن إعلان علماء ووجهاء القطيف والأحساء أكثر من مجرد إعلان، فهو منهج ثابت لا يتزحزح بخروج بعض الأفراد عن حدوده ونطاقه، بل هو التزام وضمان بأن التباين والتعدد المذهبي عامل وحدة وطنية متى تم توضيحه، خصوصا للأجيال القادمة وللشباب والشابات الذين يتعرضون للتأثير فيهم بشكل مباشر وفق خطة مدروسة تدار من الخارج.
ومن المؤكد أن هذا البيان أو الإعلان والمبادرة ستكون لها نتائج إيجابية، لأن من ينخدع بزيف الباطل ويمارس العنف يعلم أنه لن يجد غطاء مذهبيا يستتر به أو يعمل تحته، فحمل السلاح والعنف عمل إجرامي مدان ومحل استنكار لن يوصف صاحبه بالبطولة والإقدام، بل سيلام لأنه مارس أقصى درجات العنف، وهو إطلاق النار على رجال الأمن والمواطنين بما يعتبر جريمة من جرائم الإفساد في الأرض، حتى إن لم يصب أحدا أو يتلف شيئا من الممتلكات.
إن الأفراد الذين يحملون السلاح غالبا ما يكونون أدوات ومنفذين يتلقون التوجيهات وينفذون ما يراد منهم، بل يعملون من خلال مجموعة لها قيادة واحدة غير ظاهرة في المشهد الجنائي، لكن لن يخفى على الأجهزة الأمنية كشفها وتحديد من يديرها، والوصول إلى مركز صناعة القرار فيها سواء أكان من الداخل أم من الخارج، ثم تعقب مخططاتها لاستباق أفعالها وشل حركتها حماية للأمن الوطني، وليس أدل على ذلك من القبض على بعض المطلوبين من أصحاب السوابق الذين تم الكشف عن أوكارهم ومحاصرتهم، ثم السيطرة عليهم وإخضاعهم للمحاسبة أمام القضاء، وهو جهد لرجال الأمن، ولولا عناية الله لاستمر أولئك في تنفيذ أعمالهم الإجرامية ضد مراكز الشرطة ورجال الأمن وتجمعات المواطنين، حيث لمس جميع أفراد المجتمع، خصوصا في المنطقة الشرقية، وجود رجال الأمن وقيامهم بدورهم المنشود، بل إن وزير الداخلية ــ حفظه الله ــ كان موجودا يقدم العزاء في شهداء الواجب، ويعطي درسا لكل مسؤول أن رجل الأمن حاضر في الزمان والمكان المناسبين، لا يفصل بينه وبين الناس حواجز، فهو يشعر بهم ويعيش معهم، ويبلغهم رسالة الدولة الواضحة أن الأمن والاستقرار خط أحمر لا مساس به.