الفنان بوش
يحكي الفيلم W سيرة حياة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن الشاب الذي بدأ حياته بجموح وجنون تصدّرته حفلات السُكر والمجون والعلاقات المتذبذبة مع والده الذي رأس جهاز الاستخبارات الأمريكية، ثم أقوى دولة في العالم.
يذكّرنا الفيلم بما يمكن أن تفعله الأسرة القوية سياسياً ومالياً في الولايات المتحدة، فقد أنقذ الأب ابنه من الكثير من المواقف التي كانت ستنهي حياته الأكاديمية، كما شفع له موقع والده واسم أسرته ليلتحق بجامعة Yale، ثم دفع به لكلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد ليحصل منها على درجة ماجستير إدارة الأعمال.
استمتع الصحفيون في البيت الأبيض دوماً بنكات بوش وأخطائه في نطق بعض الكلمات. لكن ما ميزه عن غيره من الرؤساء كان اندفاعه الخطير نحو تحقيق سيادة الولايات المتحدة على مناطق الصراع في العالم. ساعدته أحداث 11 أيلول (سبتمبر) ليبدأ سيطرة أمنية وعسكرية بناها على خوف الشعب.
كثير منا لا يذكرون الرجل بخير، خصوصاً أننا نعيش اليوم نتائج اندفاعه الذي كان صفة ملازمة له منذ شبابه في تحقيق السيطرة على كل مَن وما حوله. لعل التاريخ هو الحكم لفترة بوش الرئاسية التي امتدت ثماني سنوات، لكن ما نشاهده اليوم في العراق وسورية وأفغانستان واليمن وحتى لبنان، كل ذلك مرتبط بشكل أو آخر بروح بوش العدائية.
عمل بوش في البترول والسياسة. كانت له هوايات عديدة من الجولف إلى الصيد. انتقل من عاشق للحفلات الجامحة إلى مسيحي "ملتزم" بعد أن واجه الكثير من الأزمات أهمها حادث السيارة الذي قُبض عليه بعده وعُلقت بسببه رخصة قيادته لمدة سنتين. لكنه ظل أقل من توقعات أبيه إلى تلك اللحظة.
كيف يمكن أن يصوّر شخص مثل بوش حياته العملية التي أنهاها بنسبة قبول لا تتجاوز 35 في المائة من الشعب الأمريكي؟ هل سيصوّر أطفال أفغانستان والعراق الذين يعيشون الفقر المدقع؟ أم سيصوّر المباني المهدمة والجوامع المحروقة؟ هل سيرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط؟ أم أنه سيرسم الانتحاريين الذين يفجّرون كل يوم؟ أظنه سيرسم عالماً وردياً، وشخوصاً متفائلة لينسى الناس ما فات ويكتشفون "جورج" جديداً.
أي العالمين سنرى؟ هذا ما سنكتشفه عندما يزاح الستار عن معرض أعمال بوش "الفنية" الذي سيفتتح في نيسان (أبريل) المقبل.