التبادل التجاري الخليجي .. تسهيلات ليست موجودة

ليس منطقياً وجود عوائق "بصرف النظر عن أسبابها وطبيعتها" أمام حركة التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي. إن أهم عنصر من عناصر نجاح كيانات التعاون والاتحاد وغيرها، هو ذاك الذي يرتبط بالحراك التجاري. وتسهيل عمليات النقل بكل الوسائل المستخدمة. والكيانات التي حققت قفزات نوعية تاريخية، انطلقت أساساً عبر تحرير التجارة وتوفير الآليات اللازمة لها. وإذا كان الاتحاد الأوروبي يمثل رمزاً لمثل هذا النجاح، فلم يشهد أي تذمر أو احتجاج من جانب القطاع التجاري على أي إجراءات تتخذ، لأن الإجراءات يتم اتخاذها أساساً من أجل تقديم الدعم اللازم لهذا القطاع. وفي مقدمتها، تسهيلات المرور والتفتيش والتسجيل، وتحصيل الرسوم، وغير ذلك للآليات ووسائل النقل المختلفة بين البلدان المنضوية تحت لواء هذا الاتحاد. فالتأخير أو التعطيل، يعني ببساطة خسائر مادية للجهة المعنية بالنقل، الأمر الذي يؤثر مباشرة في حراكها، لتنتقل السلبيات إلى إجمالي التبادل التجاري بين البلدان.
هناك مشكلات كثيرة في هذا المجال بين دول مجلس التعاون، تسعى جهات متعددة لحلها، ومن بينها اتحاد غرف دول المجلس، الذي يحاول تذليل العقبات أمام الحراك التجاري الخليجي، وهذا الاتحاد على تواصل دائم مع هذا القطاع بحكم الاختصاص، وأيضاً بفعل دوره في مجال التشريعات والقوانين التجارية المختلفة. المطلوب، إيجاد آليات لتطوير الإجراءات الجمركية بين "دول التعاون"، وإزالة عوائق حركة التبادل التجاري. وعلى هذا الأساس جاء اقتراح الاتحاد لتشكيل لجنة مشتركة، بين الأمانة العامة للمجلس، وهيئة الاتحاد الجمركي، وبالطبع اتحاد الغرف. ومن أهم مزايا هذا الاقتراح، أنه يدعو إلى ضرورة أن تقوم هذه اللجنة بزيارات ميدانية إلى المنافذ ونقاط العبور، للاطلاع مباشرة على تلك العوائق. فالإجراءات "مهما كانت متطورة" تحتاج إلى إعادة النظر فيها بين فترة وأخرى، من أجل ضمان العوائد المرجوة منها.
إن أهم خطوة يتم اتخاذها بين دول موقعة على اتفاقات تبادل تجاري، هي تلك التي تتعلق بالشاحنات البرية. وفي كل نقاط العبور الناجحة، هناك خطوط سير خاصة في المناطق الحدودية لهذه الشاحنات، ليس فقط لتسهيل مرورها واختصار الزمن، بل أيضاً لإبعادها عن حركة عبور السيارات غير التجارية الأخرى. ويبقى غريباً "على سبيل المثال"، أن تخضع شاحنة وسيارة عائلية للمسار الحدودي نفسه! وكذلك الأمر بالنسبة للحافلات وغيرها. وعلى هذا الأساس، تأتي دعوة اتحاد الغرف الخليجية ضرورية، بل حتمية لمزيد من التفعيل للتبادل التجاري. إن هدف المذكرة المقدمة، ليس أكثر من تحريك الطاقة الإنتاجية المعطلة في المنافذ الجمركية. وهذا التعطل هو في الواقع هدر يمكن تفاديه. وقد اهتمت المذكرة بصورة رئيسة، بقضية تكدس الشاحنات في المنافذ. وهذا يعني أن المصدر والمستورد والمنتج يواجهون جميعاً مشكلات في الالتزام بتعهداتهم لعملائهم في هذا البلد آنذاك. علماً بأن نسبة من البضائع المنقولة براً، هي عبارة عن مواد ليست استهلاكية، بل أولية لمصانع أخرى في بلد المقصد.
والغريب حقاً، أن نسبة من أصحاب المصانع، اضطروا لاستيراد المواد اللازمة لهم من خارج دول مجلس التعاون، للإيفاء بالتزاماتهم! فهل يعقل أن يتجه المنتجون الخليجيون إلى الخارج، في حين يمكنهم ببساطة تلبية حاجاتهم الإنتاجية من داخل مجلس التعاون؟! والغريب أيضاً، أنه لا يوجد مسار خاص بالشاحنات الفارغة التي لا تتطلب عادة إجراءات جمركية أو تفتيشا موسعا! القضية برمتها ليست صعبة، طالما أن هناك قوانين وإجراءات تتبع وتحترم من كل الأطراف. فالشيء المطلوب هو المرونة في تسيير الأعمال، لأنها لا تخص طرفا بعينه، بل حراك تجاري يمثل ركناً أساسياً في هيكلية التعاون بين دول الخليج العربية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي