زيارة ولي العهد الآسيوية .. السياسة والاقتصاد

تأتي جولة ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، التي تشمل باكستان والهند واليابان والمالديف، في وقت مناسب، ليس فقط على صعيد تمتين العلاقات بين المملكة والدول المذكورة، بل أيضاً من جهة تطوير العلاقات الاقتصادية معها، ووضع معايير تتطلبها المرحلة والحراك العام، خصوصاً في ظل استراتيجية اقتصادية وتنموية هائلة تشهدها المملكة، تستدعي ضمّ كل ما أمكن من أدوات لمصلحتها. يُضاف إلى ذلك، أن الجولة لا تدخل فقط في إطار ثنائي يجمع السعودية وكل دولة من هذه الدول، بل تتصل أيضاً بوضعية المملكة على الساحة العالمية، بما في ذلك عضويتها في مجموعة العشرين التي تشترك معها فيها كل من الهند واليابان. كما أن الجولة تجيء في وقت تشهد فيه دول ناشئة في القارة الآسيوية، مصاعب لها روابطها العالمية. فمن المهم شرحها مباشرة من جانب الجهات التي تواجهها.
مثل هذه الجولات، وعلى هذا المستوى الرفيع، تكون عوائدها كبيرة، ونتائجها الإيجابية تسير معها. فعلاقات المملكة بهذه الدول تصل إلى مرحلة التميُّز، وهي متداخلة في بعض النواحي. والاهتمام السياسي بها، يطرح على الفور نتائج مستحقة، تصب في مصلحة كل الأطراف. وعلى سبيل المثال، بلغ التبادل التجاري بين السعودية وباكستان 111 مليار ريال في غضون عشر سنوات فقط، والفائض لصالح المملكة. وهي معدلات عالية، كما أنها يمكن أن تحقق قفزات على صعيدَي النوع والحجم، ضمن محفزات التجديد. وفي ظل علاقات متطورة بين البلدين، ستكون هناك الفوائد المطلوبة للجانبين. والتبادل التجاري الجيد والمتصاعد، يفرز أيضاً محطات إيجابية في مختلف القطاعات، بما في ذلك العمالة والخبرات، وبطبيعة الحال، يوفر نتائج إيجابية على صعيد مجلس التعاون الخليجي، الذي تمثل المملكة فيه حجر الزاوية.
والحقيقة أن جولة الأمير سلمان هذه، هي جزء أصيل من الحراك الدولي الذي تقوم به المملكة، يضاف إلى ذلك أن المنطقة الآسيوية القريبة من الخليج، تحتفظ بمكتسبات وعناصر ليست موجودة في المناطق الأخرى من العالم. ولهذا السبب وغيره، يرافق ولي العهد عدد كبير من الوزراء والمختصّين في مختلف الشؤون التي تجمع المملكة بهذه البلدان. وهذا ما يؤكد أن اتفاقيات جديدة ستبرم خلال هذه الجولة، تضيف المزيد من المنافع للأطراف المعنية بها. إن كل دولة من هذه الدول لها خصوصية في علاقاتها مع المملكة، وهذه الجولة سترفع من مستوى هذه الخصوصية، لما فيه من المصلحة للسعودية والجهة المعنية الأخرى. فالملفات المهمة كلها مفتوحة، من أجل زيادة مخرجاتها. كل حسب طبيعته، ووفق المعايير التي تمليها المصالح العامة. مع التأكيد مرة أخرى، على وضعية المملكة العالمية، من خلال دورها في رسم السياسات الاقتصادية على الساحة الدولية.
وإذا كانت العلاقات بين المملكة وباكستان قوية وقابلة دائماً للتطوير، فإنها أيضاً تتسم بالقوة مع دولة ناشئة كالهند. كما أن لهذه الأخيرة الكثير من الصلاحيات الاقتصادية المهمة مع السعودية، تعود إلى عشرات السنين. وستكون هناك بلا شك اتفاقيات جديدة بين الجانبين، تدخل في سياق طبيعة العلاقة التي تجمعهما. لقد عبّر المسؤولون اليابانيون عن سعادتهم واهتمامهم الكبيرين بزيارة ولي العهد لبلادهم، وتحدّثوا عن أهميتها البالغة. فهم يعرفون مكانة المملكة، كما أنهم حرصاء على التواصل الدائم مع شريك لهم ضمن مجموعة العشرين، التي أخذت زمام المبادرة على الساحة الدولية، في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية. يُضاف إلى ذلك، تلك الروابط الثنائية، التي تجمع طوكيو بالرياض على مختلف الأصعدة. إنها في النهاية، جولة ضرورية في الوقت المناسب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي