هاشتاق .. نوال

حين خرجت كابتن طيار نوال الهوساوي في برنامج الثامنة مع داود الشريان، تتحدث بكل ثقة وهدوء، فقد أدركت لحظتها أنها صاحبة قضية إنسانية، تؤمن بها وتسعى لتحقيق رؤيتها من خلالها.
حين تعرضت نوال لموقف عنصري وهي تقف في طابور الانتظار في أحد المحال التجارية، ووصفتها إحداهن بـ "العبدة"، تقليلا من شأنها ومن أحقيتها في الحصول على الحقوق المساوية نفسها، قامت "نوال" بإنشاء "هاشتاق" على "تويتر" بعنوان "هاشتاق العبدة"، تحارب فيه العنصرية والتمييز على أساس اللون، وهذه هي المرة الأولى التي نرى فيها امرأة تطالب بنبذ العنصرية والتمييز في مجتمع مسلم ـــ مع الأسف ـــ كان الأحرى بأفراده أن يدركوا بشاعة هذه العنصرية المقيتة، التي حاربها رسولنا ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ قال أبو ذر ـــ رضي الله عنه ـــ: "ساببت رجلاً فعيرته بأمه"، فقال لي النبي ـــ صلي الله عليه وسلم ــــ: "يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية".
في ظهر اليوم الأول من كانون الأول (ديسمبر) 1955 لم تكن روزا باركس تنوي صنع التاريخ، عندما غادرت عملها كخيّاطة لتركب حافلة عمومية، كانت مُنهكة وكل ما أرادته هو الذهاب إلى منزلها. وهكذا، عندما طلب منها سائق الحافلة الانتقال إلى المقاعد الخلفية، كي يجلس مكانها رجل أبيض، لم تتمكن من حمل نفسها لفعل ذلك، فرفضت وقاومت العنصرية والتمييز المجحف، فيما أصبحت روزا باركس تعرف اليوم بأنها "أُمّ حركة الحقوق المدنية"، لأن إلقاء القبض عليها بسبب رفضها التخلي عن مقعدها في الحافلة العمومية أشعل فتيل المقاطعة المحورية للحافلات العمومية في مونتجمري، في ولاية ألاباما، وكان سببا فيما بعد في إلغاء قانون التمييز العنصري.
قالت لاحقاً: "لم تكن نيتي عندما ركبت الحافلة أن يُلقى القبض عليَّ. ركبت الحافلة وأنا أنوي الذهاب إلى منزلي".
"العبيد" حقا في زماننا هذا هم من يرضون بإحناء رؤوسهم ليدوس فوقها أسياد وهميون، لا يعيشون إلا في خيالاتهم المريضة!
"العبيد" حقا هم الذين يكتفون بتأمل شريط حياتهم الفارغة وهو يمر سريعا أمام أعينهم، دون أن يحققوا إنجازا وهدفا حلموا به يوما، فهم "عبيد" لأوهام فشل، تحول بينهم وبين أحلامهم!
"العبيد" حقا هم من يقفون على أبواب الخلق، يتسولونهم "شرهة" أو واسطة أو "حفنة دراهم"، متناسين أن رب الخلق يفتح خزائن رحمته وفضله آناء الليل والنهار.
شكرا نوال الهوساوي...!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي