الصرف الصحي .. تحدّي السنوات الخمس

هناك خطة مدتها خمس سنوات لتنفيذ تغطية شبكة الصرف الصحي لتصل نسبتها إلى نحو 70 في المائة من الأحياء السكنية، أي بنهاية عام 2019، وخلال هذه المدة سيتم القضاء على بحيرات الصرف الصحي للحد من آثارها السلبية في الصحة والبيئة، والتوسع في استخدام المحطات المعالجة مع العمل على تنفيذ محطات معالجة جديدة لتغطية جميع مدن البلاد ومحافظاتها. والواقع أن هذه الخطة أكثر من مجرد أمل، بل هي حلم، لأن جهودنا في تصريف مياه الصرف الصحي مكمن خلل كبير، يجعلك تشاهد يومياً الآلاف من صهاريج نقل مياه الصرف الصحي إلى الأماكن المخصّصة للتخلص منها بصورة مؤذية للبيئة، بل إن مواقع تصريف تلك المياه تجاور بعض الأحياء في معظم المدن الرئيسة.
وليس أمامنا سوى طريق واحد يوصل لهدف أصبح عزيزاً علينا وهو تفعيل الأموال المخصّصة لمشاريع الصرف الصحي ومياه الأمطار، فالميزانيات في الأعوام الماضية والسنة الحالية تتضمن مبالغ طائلة تكفي لإنجاز أعقد المشاريع وأصعبها، بل أكثرها تكلفة، ويبقى دور الوزارات الحكومية ذات الصفة الإشرافية، فلم يعد مقبولاً التساهل في تنفيذ المشاريع أو القبول بتنفيذ رديء أو تعثر متواصل، فهناك واقع مزرٍ لبعض المشاريع، التي تحوّلت مواقعها إلى حفر عميقة تهدّد سلامة المارة، وتكشف عن رداءة في الإشراف والتنفيذ على حساب المصلحة العامة.
نعم، هناك تأخُّر في العناية بالبنية التحتية للصرف الصحي، ولتصريف مياه الأمطار حتى أصبحنا في لحظة مهدّدين بالخسائر لا نملك سوى الانتظار لحصر الأضرار، أما لماذا يحصل هذا الوضع، فإن الرؤى تتعدّد حول أسباب المشكلة، حتى أصبحت همّاً وطنياً للمواطن وصداعاً للمسؤول وصانع القرار، وهناك مَن يُورد سبباً آخر مفاده عدم وجود معرفة علمية بحجم المتغيرات في المناخ العالمي، ومدى تأثيره في موقعنا الجغرافي في جنوب غرب القارة الآسيوية، وهناك مَن يُرجع السبب إلى عزوف عن الاستعانة بالخبرة الأفضل لدى دول استطاعت أن تكوّن رصيداً ضخماً من المعرفة الهندسية بالكيفية المُثلى للتخطيط والتنفيذ لمشاريع البنية التحتية.
إن السبب الذي يتبادر إلى ذهن كل فرد في المجتمع أن هناك سوءاً في تنفيذ المشاريع المخصّصة لغرض تصريف السيول ومياه الصرف الصحي، أيضاً لا يمكن تجاهل سوء التصاميم وتقدير معدلات هطول الأمطار، التي من الواضح أنها بُنيت على معلومات قديمة جداً تجاوزها المناخ في شبه الجزيرة العربية، وهنا أهمية تحديث المعلومات أولاً بأول، ولعل عدم فاعلية بعض المشاريع مسألة في غاية الوضوح، فقد فشلت جميع الأنفاق في التعامل مع الأمطار، وتحوّلت الأنفاق إلى شبه مسابح، أما الأرصفة فقد تحوّلت إلى حواجز تمنع خروج الماء من الطرقات إلا بمعدات إزالة لها في أوقات الطوارئ.
لقد شرعت وزارة المياه والكهرباء في بناء قاعدة بيانات شاملة للصرف الصحي تتضمن كل البيانات والمعلومات الفنية والتشغيلية لمنشآت الصرف الصحي في المملكة، حيث تم تصنيف وتبويب البيانات ووضع نواة تلك القاعدة في برامج إلكترونية عدة يمكن الوصول إليها من جميع مناطق المملكة عبر الشبكة العنكبوتية، وتفعيل ودمج تلك البرامج في منظومة موحدة للبيانات والمعلومات، وإدخال وتدقيق البيانات التاريخية لمنشآت الصرف الصحي في المملكة، مع الاستمرار في إدخال وتحديث كل البيانات التشغيلية لها.
إن قاعدة البيانات هذه ستوفر كل البيانات والمعلومات عن قطاع الصرف الصحي المطلوبة لأغراض متابعة النمو في القطاع وتقييم كفاءة الأداء فيه، ومراقبة جودة المياه المعالجة وفق مؤشرات فنية محدّدة ولإعداد التقارير الفنية والإحصائية من أجل دعم اتخاذ القرار السليم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي