التأشيرة السياحية الخليجية .. تعميم العوائد
أثبتت الاتفاقية التي جمعت عُمان وقطر ودبي، في إصدار تأشيرة سياحية موحدة فاعليتها وجدواها طوال الفترة الماضية. لقد وفّرت تسهيلات مطلوبة للسياح، بما يكفل انتقالهم إلى أي جهة من الجهات الثلاث، ولا سيما أولئك الذين يأتون مما وراء البحار، ويقطعون المسافات الطويلة. فالآتي إلى بلد واحد من البلدان الثلاثة، لديه الفرصة لزيارتها جميعاً، دون انتظار تأشيرة، وتكبُّد المزيد من الرسوم القنصلية. والدعوات إلى اعتماد تأشيرة سياحية خليجية واحدة لم تتوقف، خصوصاً في ظل تزايد معدلات الزائرين للمنطقة، إلى درجة أن هذه المنطقة أزاحت في السنوات الماضية مناطق عديدة، لتحتل مكانها كجهة تستقطب أعداداً كبيرة ومتنامية من السياح والزائرين. فالتعاون الإقليمي في هذه الصناعة الكبيرة التأثير والعوائد، عنصر أساسي في استدامتها واستمرار دورها في الحراك الاقتصادي لكل بلد.
ومع إبداء البحرين استعدادها للانضمام إلى الاتفاقية المشار إليها، ستكون هناك قفزة أخرى في هذا المجال، ستسهم في مرحلة لاحقة في الدفع باتجاه اتفاقية خليجية شاملة في هذا الصدد، بما في ذلك التأشيرة الموحدة التي يطالب بها قطاع الأعمال للمستثمرين الأجانب. فهذه الأخيرة ستسهم كثيراً في تعميم الفوائد الناجمة عن الاستثمارات على مختلف دول مجلس التعاون الخليجي. وتشكل أيضاً أحد معايير البيئة الاستثمارية الإيجابية المطلوبة. وتوفير التسهيلات في هذا الشأن، سيشجع تدفق رؤوس الأموال إلى المنطقة، في وقت تسعى فيه أغلبية دول الخليج العربية لاستقطاب المزيد من أموال الاستثمار، في إطار تنويع مصادر الدخل. وليست هناك خشية في منح التأشيرة الموحدة، بينما وصل التعاون والتنسيق الأمني بين بلدان مجلس التعاون إلى أعلى مراحله.
تدفع كل الجهات في القطاع الخاص، باتجاه الوصول إلى تأشيرة سياحية موحدة، تكون محطة أولى إلى "تأشيرات" أخرى متنوعة، تقود بدورها إلى مرحلة "التأشيرة الشاملة"، على غرار "تأشيرة شنجن" الأوروبية، التي أثبتت منذ اعتمادها قبل عقدين من الزمن أهميتها، لدرجة أن دولاً ليست ضمن نطاق الاتحاد الأوروبي، انضمت إليها واعتمدتها من جانبها، لما تفرزه من فوائد وعوائد كبيرة على اقتصاداتها. وإذا ما توصل مجلس التعاون إلى صيغة مماثلة "أو مشابهة" في المستقبل، فإنه سيحقق الكثير على مختلف الأصعدة، بما في ذلك السياحية والاستثمارية وغيرها، ضمن ضوابط بالطبع، توفر الضمانات المطلوبة لكل بلد. تماماً كما هو الوضع في الحالة الأوروبية. وعلى هذا الأساس، يمكن اعتبار التأشيرة السياحية التي ستطرح أمام الهيئة الاستشارية لدول مجلس التعاون في الشهر المقبل، مدخلاً لاتفاق قنصلي متجدد ومتنوع.
بالطبع لكل دولة الحرية في الانضمام إلى مثل هذه الاتفاقيات. فعلى سبيل المثال، ظلت بريطانيا العضو المهم في الاتحاد الأوروبي خارج نطاق "شنجن" وأخذت معها جمهورية آيرلندا، التي يجمعها مع المملكة المتحدة اتفاق خاص في هذا المجال، يعود إلى ما قبل اعتماد اتفاقية "شنجن". غير أن ذلك لم يمنع بريطانيا من منح تسهيلات ما، لأولئك الذين يحملون التأشيرة الأوروبية، على اعتبار أن منح هذه التأشيرة يخضع لقواعد صارمة. ويتطلع المؤيدون الخليجيون من أصحاب الأعمال في الخليج إلى السعودية والكويت، للانضمام إلى الاتفاقية السياحية الراهنة التي تجمع كلاً من عُمان وقطر ودبي، وقريباً - كما هو مطروح - البحرين، مع تأكيد هؤلاء نجاح التجربة. إن منطقة الخليج لا تشهد فقط تزايداً في أعداد السياح الأجانب، لكنها تستقطب عديداً من الفعاليات الكبرى من معارض ومؤتمرات ومنتديات ومهرجانات ومناسبات اقتصادية وثقافية ورياضية واجتماعية.. وغيرها. وهذه وحدها أصبحت صناعة ذات عوائد كبيرة، يمكن أن تستفيد منها المنطقة كلها. دون أن ننسى "إكسبو 2020" في دبي، وفي 2022 كأس العالم لكرة القدم في قطر.