وزارة تعيش في «فقاعة»

درجت على الاعتقاد أن وزاراتنا تصم آذانها عن مطالب الناس واحتياجاتهم. صدقوني أنهم لم يخيبوا ظني أبداً. أذكر أن الكثير من المستشارين يكسبون قوتهم بالدعاء للمسؤول وتبجيل فكره الطليعي وآرائه الخارقة وتفاعله الرائع مع الأحداث.
لأدلل على كلامي، أورد لكم قصتين جميلتين أولاهما قصة وزارة العمل والإحصائيات. أظن أن وزارة العمل لديها إدارة "تصنيع" الإحصائيات، التي تنتقي الخارق منها. تنسى الإدارة أن متلقي هذه الإحصائية هم المواطنون، وفيهم العامي الذي لا يهتم بالتحليل، وفيهم أيضاً من يحلل ويدقق ويربط بين المعلومات ليحرج الوزارة من خلال إحصائياتها.
نسمع باستمرار تصريحات تقول إن الوزارة وظفت مليونا و500 ألف مواطن خلال 30 شهراً. ولو رجع معد الإحصائية "الفطن" لأعداد السعوديين في القطاع الخاص لوجدهم لا يتجاوزون مليونا ومائة وأربعين ألفاً حسب موقع الوزارة. وأنهم قبل 30 شهرا كانوا 47 ألفاً أي أن الزيادة بلغت 400 ألف مواطن، كثير منهم على وظائف وهمية!
أين ذهب مليون و100 ألف مواطن؟ إن قيل إنهم تسربوا فذاك يدين برنامج نطاقات، بل جميع برامج الوزارة. على أن الرقم الحقيقي، رقم كبير بكل المقاييس؟ تغفل إدارة "تصنيع الإحصائيات" ذكر مواقع السعوديين الذين عينتهم "الوزارة "، خصوصاً أن الأجانب يسيطرون على الوظائف الهندسية والإدارية والمحاسبية ومواقع القرار في الإدارة التنفيذية والمتوسطة وحتى الإشرافية.
ليس مهماً أن توظف الوزارة مليون معقب أو حارس أمن أو كاتب أو موظف استقبال، المهم هو أن يشغل المواطن وظائف نوعية، ويشغل مراكز القرار ليتمكن من مساعدة أبناء بلده ويوطِّنهم في شركات أرباحها تعادل أضعاف أرباح الشركات المماثلة لها في الخارج. أما أن تكون وظيفة القطاع الخاص جسراً بين التخرج والوظيفة الحكومية فتلك مصيبة على الوطن بأسره.
قبل أن أودعكم، إليكم قصة أخرى لوزارة أخرى تدل على "الفقاعة التي تعيش داخلها". بدلاً من حل مشاكل التحرش والأخطاء الطبية وتهريب الأدوية والتلاعب في العقود والمشتريات، وهي مشاكل حقيقية. قدمت وزارة الصحة للمواطن "لبن العصفور" من خلال خطة لم تنفذها أي دولة في التاريخ. تعد الخطة بتوفير غرفة تنويم خاصة لكل مريض، "ودي أصدق بس قوية".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي