«الرقابة» تستأنف و«الأمانة» لم تخجل

روي عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ـــ رضي الله عنه ـــ أنه قال "ويلك يا عمر لو أن بغلة عثرت في العراق لسئلت عنها لِمَ لم تمهد لها الطريق"، وقد يكون اللفظ مختلفاً عند آخرين، الأهم هنا المغزى. كان عمر قوياً في الحق، ويعرف أن وجوده على رأس الدولة الإسلامية ليس شرفاً يستغله في المآكل والمشارب والملابس والمراكب والعقارات والحيازات ومخططات الأراضي.
تتطلب المسؤولية ممَّن يتحملها أن يخضع مذعناً للحق عندما يرى أنه مخطئ. أن يراعي الفقير قبل الغني، ويهتم بالصغير قبل الكبير، ويقف مع المحتاج في وجه صعوبات الزمن وعتاولة القوم وأصحاب المصالح الشخصية، ومن يظن أنه فوق النظام لمجرد أنه فلان أو خدم فلاناً أو تربطه بفلان صلة أو قرابة أو علاقة.
عندما أحضر عمر ـــ رضي الله عنه ـــ عمرو بن العاص وابنه من مصر ليقتص من الابن مواطن قبطي بسيط، كان يعلم أنه ابن كرام وسليل مجد، وأبوه من خيرة صحابة رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ لكن ذلك لم يشفع له أو يعطيه الحق أن يصفع مواطناً أو يأكل حقه أو يهينه في الإسلام، لأن الناس أمام الله سواسية، فقال كلمته المشهورة "اضرب ابن الأكرمين". ثم قال كلمته الأشهر "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً".
تعتزم هيئة الرقابة والتحقيق الاعتراض على الحكم الابتدائي الصادر من المحكمة الإدارية في حائل بتبرئة اثنين من مسؤولي الأمانة، على خلفية وفاة 12 طالبة جامعية وسائقين اثنين، إثر حادث مروري قبل عامين.
قال مصدر إن الهيئة "تجهز اعتراضا لرفعه إلى محكمة الاستئناف في الرياض ضد الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية في حائل قبل شهر، وقضى بتبرئة مسؤولَيْنِ في الأمانة من تهم استغلال النفوذ وتبديد المال العام، ومسؤوليتهما عن عدم سفلتة الطريق أو ترسيته، على الرغم من وجود خطابات تلزم الأمانة بسفلتته، قبل وقوع الحادث بنحو عامين".
المؤسف أن الأمانة دافعت عن نفسها ومسؤوليها، ولم تخجل من أهالي الضحايا الذين فقدوا فلذات أكبادهم، والأردى من ذلك أن المحكمة حكمت بالبراءة لعدم كفاية الأدلة.. أين عمر؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي