سؤال قد يجيب عليه وزير التجارة

في عالم استنسخت فيه نماذج الحياة حتى تشابهت أغلب مدن العالم فيما يخص النمط المعيشي لها. أصبحت التجارة أسماء وعلامات متكررة لتلبية احتياجات المستهلكين. نمت ممارسات الوكالات التجارية وحقوق الامتياز لنقل التجارب الناجحة لمقاربة النمط المعيشي لبقية المدن، وهذا من أبسط حقوق المستهلك.
في الدول النامية أو الأقل تقدما تسيطر العائلات التجارية على أنظمة الوكالات التجارية وحقوق الامتياز لمساحات شاسعة وهذا ما نلاحظه في منطقة الشرق الأوسط التي تشمل الخليج العربي وشمال إفريقيا والمعروفة بدول MENA. هذه السيطرة تحرم المستفيدين من الانتشار العالمي للوكالات والأسماء التجارية المعروفة، وتفتح المجال لمؤسسات محلية أقل تنظيما وأقل عطاء.
وبالحديث عن المملكة خصوصا نجد أن أغلب الوكالات التجارية التي تمتلك حقوق الامتياز تنحصر في المدن الرئيسة بتوزيع لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. بالنظر لهذا الاحتكار التجاري من ناحية أنه يؤخر كثيرا في تنمية المناطق المتوسطة والأقل تنمية. فغياب مثل هذه الأسماء التجارية والعلامات العالمية يضعف فرص النمو السياحي في كثير من مناطقنا التي تمتلك مقومات السياحة. ومن المعروف أن هذه المناطق السياحية بحاجة إلى تضافر مجموعة العوامل المؤثرة في تنمية المكان وتهيئة الإنسان للعطاء.
وللحديث عن الموضوع بتخصيص أكثر نجد أن منطقة عسير مثلا ومثلها كثير من المناطق الجنوبية تفتقر بل قد تنعدم فيها مقومات الحياة المتعلقة بالترفيه والتغذية واللبس وكثير من العلامات العالمية المشهورة. فمن غير المقبول أن تكون مدينة سياحية ووجهة لأكثر من أربعة ملايين سائح سنويا شبه خالية من الأسماء العالمية في تقديم المقاهي أو المطاعم أو الفنادق أو الملابس. في حين أنها تعد رابع المناطق اقتصاديا في المملكة ومن أكثر المناطق في الكثافة السكانية.
الزائر لهذه المناطق أكثر ما يشاهد بسطات بيع شاي الجمر على الطرقات بطريقة بدائية تخلو من أبسط مقومات السلامة الغذائية. وهذا أمر لا يدعو إلى الدهشة فقط بل يثير الشفقة على مستوى الرفاهية التي يعيشها سكان هذه المناطق. بل إن الطريف في الأمر أن بعض مدن المملكة عند افتتاح أفرع لعلامات تجارية معروفة يقيم الاحتفالات، كأنه يوم عيد، بدخول هذه المشاريع لخدمتهم. في حين أنك عندما تزور دولا متقدمة لا تجد فرقا فيما يقدم في العواصم العالمية وما يوجد في القرى والأطراف البعيدة.
من هذا المنطلق يأتي التساؤل الحائر لمسؤولي وزارة التجارة: إلى متى يبقى احتكار الوكالات التجارية والعلامات المشهورة بأيدي بيوت معينة لا تملك الجرأة في أخذ مخاطرة الانتشار أو تمنع منح الامتيازات لآخرين قادرين على تقديم الخدمة ومواكبة الانتشار العالمي لهذه العلامات؟
ويبقى الأمر نسبيا في تقبل مثل هذه العلامات من قبل سكان المناطق، ولكن الواقع المعيشي الذي يعيشه شبابنا وطريقة الحياة المستنسخة من بقية مدن العالم، تستلزم فك هذا الاحتكار وإلزام الوكلاء بتحقيق الانتشار بطريقة تكفل التنمية لجميع مدننا بنفس النمط ونفس المسار الذي نراه في الخارج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي