الآبار المهملة .. تفتيش وعقوبات
تعتزم مديرية الدفاع المدني اتخاذ موقف عقابي ضد أصحاب الآبار المهملة والمهجورة، بعد أن تكررت حوادث مؤسفة ذهب ضحيتها صغار وكبار، وشكلت خطرا في الأودية والصحارى والمزارع، ولم يعد مقبولا ترك الأمر للمصادفة وحسن الحظ، فبعد حادث سقوط الطفلة لمى المعروف بحادث وادي الأسمر في محافظة حقل وما حظي به الحادث من متابعة تؤكد أن الشعور العام يحمّل المسؤولية لأصحاب تلك الآبار، حيث يتركونها دون تحذير أو حماية، ما يجعل من سلوكهم إهمالا بليغا وتقصيرا في حماية أرواح مرتادي الأودية والمزارع وتلك الأماكن، وتأكيدا لذلك فقد أثبت تقرير الدفاع المدني أنه بفحص البئر تبين أنها مغطاة من الأعلى إلا أنه توجد فيها فتحة جانبية تسمح بسقوط الطفلة.
سوف تكون هناك لجنة مكونة من الدفاع المدني ووزارة الزراعة وأمانات وبلديات جميع المناطق لرصد الآبار المهجورة تمهيدا لردمها، أما الآبار التي يجري استخدامها فيجب أن تتوافر وتطبق عليها الاشتراطات الضرورية للسلامة لتفادي مخاطرها، وذلك بمتابعة مراحل تحريزها لحفظ المارة من السقوط فيها، وسيكون هناك تفتيش من خلال جولات على المزارع والاستراحات للتأكد من وجود تراخيص وتطبيق إجراءات الأمن والسلامة، حيث عقد الدفاع المدني مؤتمرا صحافيا، تم فيه إيضاح الإجراءات الوقائية التي يجب اتخاذها مستقبلا وكذلك الجهود التي بذلها لإنقاذ الطفلة لمى، حيث بلغ عدد المشاركين 216 مشاركا و91 آلية.
لقد واجه الدفاع المدني والمشاركون حتى من المتطوعين صعوبات غير عادية، فالحادث معقد وطبيعة التربة وطبقاتها المتنوعة من رملية وطينية وصخرية، ما جعل جهود الإنقاذ في غاية الصعوبة على كل المشاركين، بل خطيرة في بعض مراحلها، وإن مما يؤسف له أن هناك من يحاول التقليل من جهود رجال الدفاع المدني الذين بذلوا ما في وسعهم، وهناك من نشر معلومات مغلوطة وغير صحيحة عن جهود الإنقاذ؛ في محاولة لتشويه الصورة الحقيقية لجهود عمليات البحث، وليس هذا بغريب على من يمارسون النقد غير الهادف ومن يحاولون إضعاف الثقة بقدرات بعض الأجهزة الحكومية، خصوصا تلك التي تتعامل مباشرة مع هموم المواطنين وتراعي سلامة حياتهم وحقوقهم.
نعم الإنسان لا يملك أمام القضاء والقدر إلا أن يرضى ويسلّم، ولكن يجب أن يكون هناك بحث عن الأسباب، فالبئر لم تكن عليها أي لوحة أو علامة أو ما يدل على وجودها وخطرها على المتنزهين، فالبئر عمقها 100 متر وقطرها نصف متر وهذه البئر على حالها تلك منذ ثماني سنوات وربما يكون هناك كثير من الآبار المهملة والمهجورة؛ ما يعني وجود دائم للخطر المحدق بحياة الصغار والكبار، والجميع ينتظرون أن تتحرك بالفعل الجهات المعنية لمعالجة الحالات المماثلة، فعوامل السلامة ليست ترفا أو تعقيدا للأمور كما يتصور البعض ممن لا يرون في إجراءات السلامة تبريرا كافيا لفرضها والإلزام بها.
إن المسؤولية الشرعية والقانونية تقع على عواتق أصحاب تلك الآبار ولا يمكن الاعتماد على ما يقومون به من وسائل بدائية لتطبيق عوامل السلامة، بل يجب أولا حصر عدد الآبار في كل محافظة وتسجيل بياناتها في سجل موثق لدى الدفاع المدني، وفرض حماية وتحذير لكل من يقترب منها، مع تسويرها أو غلقها أو دفنها نهائيا في حالة عدم الحاجة إليها، وتحديد أصحابها وتحميلهم المسؤولية عن أي حالة وفاة أو ضرر يصيب أحدا من جراء إهمالهم؛ فحياة الناس ليست محلا للإهمال أو التقصير، كما أن حدوث مثل هذه الحوادث يجب أن يكون محلا للتحقيق ومعرفة المتسبب ومحاسبته قضائيا وإلزامه بالتعويض للحق الخاص والغرامة للحق العام.