الهوية الرقمية
ركز الباحث الإسباني لوكاس براون في أطروحته ''الإعلام الاجتماعي والرأي العام'' على الهوية الرقمية، هوية الإنسان في العالم الرقمي ''الإنترنت'' ونموها في العالم الرقمي، من خلال عوامل أيديولوجية وثقافية وسياسية تتداخل فيما بينها، لتكّون رأيا عاما لمختلف المجتمعات في العالم.
جاء مصطلح الهوية في اللغة العربية من كلمة: هو، ويستخدم لوصف مفهوم الشخص وتعبيره عن فرديته وعلاقته بالمجموعة التي ينتمي إليها. أبرز العلوم التي درست مفهوم الهوية علم النفس وعلم الاجتماع، لكنه تركز أكثر في علم النفس الاجتماعي، إذ يحاول هذا العلم أن يتحقق في قضايا تكشف كيف يتفاعل الفرد في بيئته الاجتماعية. المعروف أنه يمكن تحديد الهوية من خلال الأزياء والسلوك واللغة. في الأنثربولوجيا الاجتماعية توجد نظريتان أساسيتان للهوية، الأولى الهوية بوصفها حقيقة ثابتة الانتماء لا يمكن تغييرها، وهذه تحددها عوامل بيولوجية كالنسب. أما النوع الثاني من الهوية فالهوية في الانتماء لأفكار أو توجهات، يحددها الفرد لنفسه. والثانية بصفتها اختيارية ليست ثابتة بل متغيرة.
هوفستد وضع أبعادا ستة للمقارنة بين الثقافات الدولية في هويتها الوطنية، ووضع درجات توضح قيم الأفراد في هويتهم الوطنية. علوم وأبحاث وفلسفة طويلة جدا ومعقدة لتفكيك ومعرفة العوامل التي تكّون مفهوم الهوية بأبعادها المتشعبة والمعقدة. ليكون السؤال: من نحن؟ وما هويتنا الرقمية الوطنية؟
بدأت الهوية الرقمية بالظهور مع أول استخدام للكمبيوتر والإنترنت، وظل اسم المستخدم كبطاقة الهوية لصاحبه سواء كان صريحا أو مستعارا، فهو يعبر عن أفكار صاحبه وجنسه. وفي ''ويب 1'' اعتبرت الهوية الرقمية ذات بعد واحد يعتمد فقط على اختيار اسم المستخدم. فالفرق بين ''ويب 1'' و ''ويب 2'' باختصار أن الأول محتوى رقمي يمكن تصفحه، لكن المشاركة في تعديله أو بنائه محدودة كما كانت المواقع والمنتديات، أما ''ويب 2'' فهو محتوى رقمي مبني على المشاركة الجماعية، كما هي حال الشبكات الاجتماعية وموسوعات الويكي، التي بإمكان أي صاحب معلومة أن يشارك في تحريرها. في ''ويب 1'' كان بالإمكان أن تكتب اسمك المستعار في منتدى وتنتقل لآخر باسم آخر دون أي ارتباط. أما في ''ويب 2'' فالأمر مختلف، وهويتك الرقمية لا تبنى فقط بناء على اختيارك اسم المستخدم، بل أيضا على الأشخاص الذين ارتبطت بهم بصداقات. لذلك عادة في أول لحظة تحاول فيها التسجيل في شبكة اجتماعية جديدة تجدها تخبرك عن أصدقائك المنضمين للشبكة الجديدة، الذين سبق أن عرفتهم في شبكة اجتماعية سابقة. فيصبح الكشف عن هويتك في ''ويب 2'' أكثر سهولة لأنه بني في الإنترنت بطريقة أكثر تعقيدا من السابق.
ورغم أن ظهور أول شبكة اجتماعية، وهي شبكة ''فرند ستر'' التي كانت لجواناثان أبرامز Friendster انضم لها عدد كبير جدا من المستخدمين، فقد كانت تحاول تأسيس شبكة بأسماء حقيقية لمستخدميها، إلا أن ذلك لم يكن لعدم الثقة من جانب المستخدم ولاعتياده أن يختبئ في ''ويب 1''، وقد فشلت أول شبكة اجتماعية فشلا ذريعا في جذب المستخدمين بهوياتهم الحقيقية، ثم جاء فيسبوك ونجح في انضمام المستخدمين له بأسمائهم وهوياتهم الحقيقية.
لذا يعتبر فيسبوك أول شبكة اجتماعية نجحت في جذب المستخدمين بأسمائهم الحقيقية.
تطور الهوية الرقمية في ''ويب 2'' عملية ما زالت مستمرة وتدار بربط المعلومات بشكل يزداد تعقيدا يوما بعد يوم للتعريف بالمستخدمين، وسوف يعتمد تطوير الهوية الرقمية مستقبلا على الاقتصاد والقرارات الأيديولوجية والسياسية.