القواعد الخمس في الشبكات الاجتماعية
حدد كريستاكس وفولر في ٢٠١٠ قواعد خمسا في الشبكات الاجتماعية، القاعدة الأولى تقول إننا نحن نشكّل شبكاتنا، والثانية: شبكاتنا تشكّلنا، أما الثالثة فأصدقاؤنا يؤثرون فينا، والرابعة: أصدقاء أصدقاء أصدقائنا لهم تأثير فينا، والقاعدة الأخيرة هي أن الشبكة الاجتماعية لديها طبيعة حياة خاصة بها.
(نحن نشكّل شبكاتنا) القاعدة الأولى في حقيقة حياة الشبكات الاجتماعية وهي تعتمد على ما يسمى homophily ، ويعني حب التشابه: ميل الأفراد لمشاركة غيرهم بتصرفات مشابهة لهم، وهو مفهوم يفسر أن التفاعل بين الأشخاص المتشابهين يحدث أكثر مما هو بين الناس الأشخاص غير المتشابهين - أكثر من 100 دراسة وجدت أن التشابه يولد الاتصال - وبناء عل ذلك فنحن نبني شبكاتنا الاجتماعية بثلاث طرق: كم عدد الأشخاص الذين نتصل بهم، كيف تتصل عائلاتنا مع أصدقائنا، أين تقع شبكتنا الاجتماعية هل نحن في الأساس أم في الهامش؟
إن خيارات التحكم في حياتنا الاجتماعية ''محدودة''، فكما أننا لا نستطيع اختيار عائلتنا التي ولدنا منها، فإن أعضاء الشبكة الاجتماعية هم أيضا يولدون ويموتون وربما يتحولون، إضافة إلى أن عدد الأشخاص الذي يمكننا التواصل معهم محدود فليس بإمكاننا أن نصنع خط تواصل مع كل شخص على الشبكة . كما أن شكل العلاقات مع أصدقائنا الموجودين متغير كيفا وكما.
وكما أننا نؤثر في شبكتنا الاجتماعية، مع الوضع في الاعتبار أننا محدودو الخيارات - هذا يقودنا للقاعدة الثانية التي تقول إن: شبكاتنا تشكلنا: فنحن متأثرون بقوة ليس فقط من خلال شبكاتنا والقرار الذي نصنعه في بناء شبكاتنا، بل أيضا بالقرارات التي يصنعها أعضاء مباشرون أو غير مباشرين في شبكات أصدقائنا، وهذا بالضبط ما يقود للقاعدة الثالثة التي تقول إن أصدقاءنا يؤثرون فينا: يرى كريستاكس وفولر أننا ننسخ سلوك أصدقائنا المقربين أو أفراد من العائلة أو الزملاء، فإذا خرجت مع صديق يأكل كثيرا فإنك ستأكل أكثر من عادتك تأثرا به، وفي المقابل وبالدرجة نفسها أنت تؤثر فيه.
أما القاعدة الرابعة القائلة إن أصدقاء أصدقاء أصدقائنا في الشبكات يؤثرون فينا فإن أبسط مثال لتجسيد هذا المفهوم هو سرعة انتشار وانتقال النكت أو المعلومات التي نتناقلها. وبالطبع وبالقوة نفسها التي يؤثر بها أصدقاء أصدقاء أصدقائنا فنحن كذلك نؤثر فيهم.
للشبكة الاجتماعية طبيعة خاصة بها كطبيعة الحياة، ولها حركة ديناميكية متفاعلة شديدة التعقيد لا يمكن تفسيرها أو شرحها، لكن يمكن ملاحظتها ودراسة أجزاء منها برؤية عالمية. كانت دراسة ديناميكية الشبكات الاجتماعية مستحيلة بسبب شدة تعقيدها، لكن مع التقنيات الحديثة وخدمات الإنترنت الأكثر تخصصا جعلت دراستها ممكنة أكثر.
من الممكن ملاحظة ديناميكية الشبكات الاجتماعية بإلقاء نظرة على قطيع أو مجموعة من الغنم أو السمك أو حتى اختناق مروري، فرد واحد في مثل هذه المجموعات لا يعرف لماذا اتجه القطيع في سباحته أو وجهته إلى اليمين مثلا. كل ما بوسعنا أننا نعرف أن ذلك السلوك الجماعي هو من طبيعة دفاعية نشأت من الذكاء الجماعي.
وكأن كريستاكس وفولر في قاعدتهما الأخيرة فسرا الماء بعد الجهد بالماء!