خيارات الشتاء..

تعرف الفترة الشتوية للانتقالات في أوروبا بين وكلاء اللاعبين بفترة انتقالات لاعبي الدكة الاحتياطيين في كل الفرق، وتأتي التسمية بسبب أن أغلب الصفقات المسجلة بين الأندية يكون أبطالها لاعبون ليسوا أساسيين في فرقهم، بل إن انتقالاتهم تأتي لسببين، إما تعويض لاعب مصاب، أو منح أحدهم فرصة اللعب أساسيا في فريق آخر.
.. ولا تترك الصفقات المعقودة بداية الموسم، خيارات واسعة للأندية للتحرك نحو إبرام تعاقدات مؤثرة، ولا ترصد الفرق الأوروبية ميزانيات ضخمة لصفقات الشتاء، مقارنة بتلك المرصودة لمثيلاتها التي تعقد مطلع الموسم، بل إن أغلب الصفقات تأتي بنظام تبادل المنافع بين الأندية وسد الاحتياجات الطارئة. الفريق الذي يحتاج حارس مرمى بديل، يدعم الأساسي، يستغني عن مدافع من الدكة في مقابله.. وهكذا، ولا تعرف المسابقات الأوروبية صفقات من العيار الثقيل تمت في الميركاتو الشتوي، وإن كان هناك نوادر خرقت القاعدة، لكنها ليست أصلا في المشهد العام. ويستغل وكلاء اللاعبين، الفترة الشتوية في تمرير عقود قصيرة المدى للاعبيهم المتعثرين، مستغلين قلة الخيارات أمام الأندية.
في الكرة السعودية، يبدو المشهد مختلفا، إذ تسعى أغلب الأندية إلى تصحيح أمورها الفنية المتعثرة عبر صفقات الشتاء، محاولة تقويم الفشل الذي مس تعاقدات مطلع الموسم، وتجد إدارات الأندية نفسها أمام خيارات ضيقة ومحدودة تبعا للمشهد العام لكرة القدم، تضطرها إلى القبول بصفقات من نوع "لعل وعسى"، وأخرى على غرار "رخيص والفترة المتبقية قصيرة".
ولا تعدم الصفقات الشتوية السعودية نماذج ناجحة معدودة، خرقت القاعدة، تمثلت في الروماني رادوي، والبرازيليين فيكتور وباستوس، لكنها محددة بظروف خاصة في الأندية نفسها والأطراف الأخرى، ربما لا تتكرر دائما.
في مراقبة المشهد وتحركات الأندية السعودية، يبرز سؤال حقيقي أمام الجميع، هو: ما هي الطريقة المثالية للبحث عن لاعبين.
في الفترة الشتوية؟، للإجابة على هذا السؤال لا بد من تتبع حركة مسابقات كرة القدم حول العالم. وعندما نفعل يتضح أن جلب لاعبين من المسابقات الأوروبية المحلية الكبرى، أمر عسير المنال، وليس كذلك في المسابقات الأقل إثارة مثل الدوري البلجيكي أو الروماني والروسي. وإذا ما اتجهنا إلى أمريكا اللاتينية وتحديدا البرازيل المصدر الأول للاعبين والمدربين، نجد أن الدوري انتهى للتو، وأن اللاعبين المميزين سيبحثون عن عقود طويلة الأمد وسيرفضون مثيلاتها القصيرة.
.. ما الحل إذاً؟ لو كنت مكان مدربي الفرق السعودية التي ترغب في عقد صفقات شتوية، لتابعت ثلاثة فرق تلعب حاليا في كأس العالم للأندية، هي: الرجاء المغربي، الأهلي المصري، جوانجزو الصيني. من يريد أن يستقطب لاعبا آسيويا سيجد الخيارات متاحة في الفريق الأخير، ومن يبحث عن لاعبين غير آسيويين، سيجدهم في الفريقين العربيين الآخرين، إضافة إلى أن إدارتي الناديين الآخرين، لا تمانع في عقد صفقات قصيرة الأمد للاعبيها المميزين، وعلى سبيل الإعارة.
أتابع في الأيام الماضية، تحركات الأندية السعودية، وأجدها تتوزع بين البرازيل ورومانيا تحديدا، مع بعض الاتصالات الخجلة مع لاعبين من الخليج، ووفقا لذلك، لا أعتقد أن نجاحا كبيرا ستسجله الأندية، عدا صفقة ربما تعقد في كازبلانكا المغربية، واستثني من هذه الرأي تحركات أهلي جدة، بسبب سعيه إلى تعاقدات طويلة المدى، تستمر معه إلى الموسم المقبل.
أتفهم الخيارات الصعبة التي تحاصر الأندية ومسؤوليها ومدربيها، وأتفهم المطالبات الجماهيرية الملحة، التي لا ترحم، ولا يمكن أن نقول لهم إلا كما قال المثل العربي القديم: "الصيف ضيعت اللبن".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي