قواعد السلوك المهني للموظفين .. وآلية للمتابعة
من المنتظر أن تصدر وزارة الخدمة المدنية قواعد لسلوك الموظف الحكومي، على شكل وثيقة بمنزلة ميثاق شرف يوقع عليها جميع الموظفين، مهما كانت جنسياتهم ومراتبهم ومهما كان عملهم. إنها محاولة لسد ثغرة مهمة في النظام، حيث لا يجرم الكثير من السلوكيات التي تعد خطأ في عرف المواطنين وعموم المستفيدين من الخدمات الحكومية، بينما لا يمكن التعامل معها من خلال نظام تأديب الموظفين، كما أن نظام التأديب يتعامل مع تلك القضايا التي تمس كرامة الوظيفة أو النزاهة أو الشرف وحسن السمعة، مثل قضايا الرشوة والانقطاع عن العمل، أو الاحتيال والغش والاختلاس، وغيرها كثير مما يمكن التعامل معه بالنظام، لكن تبقى هناك منطقة رمادية لا يمكن التعامل معها وفق نظام التأديب، وفي الوقت نفسه لا يمكن القول إنها لا تمس كرامة الوظيفة وسمعة الموظف، تسعى قواعد السلوك إلى معالجة مثل هذه القضايا التي في المنطقة الرمادية. ومن أبرزها محاولات كسب الرئيس المباشر بالتملق والخداع أو عبر الواسطة والمحسوبية، إخفاء معلومات بهدف خداع وتضليل الرؤساء للتأثير في القرارات أو إعاقة سير العمل. فهذه القضايا لا يمكن إثباتها بدليل مادي يمكن من خلاله مقاضاة الموظف وفقاً لنظام التأديب، ومع ذلك فإنها سلوك مشين لا يمكن السكوت عليه لما له من آثار مدمرة على بيئة العمل وسلامة الإنجازات.
وإضافة إلى رسم صورة واضحة للموظفين عن تلك التصرفات التي تم التعارف عليها كتصرفات مشينة، فإن قواعد السلوك تؤكد على الصفات الحميدة مثل تطبيق العدالة ومبادئها وعلى تكافؤ الفرص، والشفافية والمساءلة، والنزاهة المهنية، والحيادية، والانتماء للوطن، وتحمل المسؤولية وعلى أن يتعاون الموظف مع زملائه من أجل مساعدته على تأدية واجبات الوظيفة والمهام الموكلة بمهنية، مع ضرورة احترام حقوق ومصالح الآخرين دون استثناء والتعامل مع الجمهور باحترام ولباقة وموضوعية دون أي تمييز، وشددت على أن ينجز الموظف المعاملات التي لديه بأسرع وقت ممكن، مع تحري الدقة ضمن حدود الاختصاص.
ومن المهم في القواعد أن تؤكد أيضاً على واجبات المديرين والمسؤولين تجاه الموظفين ومن ذلك تنمية قدرات الموظفين الذين يرأسهم أي مسؤول ومساعدتهم وتحفيزهم على تقديم أفضل أداء، إضافة إلى تشجيع موظفيه على زيادة تبادل المعلومات ونقل المعرفة فيما بينهم، واتخاذ الإجراءات ذات العلاقة باختيار أو تعيين الموظفين أو ترقيتهم أو نقلهم أو انتدابهم بشفافية ونزاهة مطلقة، بعيداً عن أي تمييز وباتباع أسس الاستحقاق والجدارة في التنافس والتقيد التام بالصلاحيات وإجراءات العمل المعتمدة، محذرة أي مدير أو رئيس من عدم احترام حقوق مرؤوسيه والتعاون معهم بمهنية عالية دون محاباة أو تمييز. كما تؤكد القواعد على المسؤول الأول في أي جهة حكومية بضرورة توفير ظروف عمل جيدة وآمنة.
من الواضح الأهمية الكبيرة لقواعد السلوك المهني المنتظر إصدارها، فهي تعالج قضايا كثيرة مهمة، لكنها تحتاج إلى آلية لمتابعة التنفيذ والالتزام، كما تحتاج إلى دعم كبير من هيئة مكافحة الفساد التي طالما أعلنت رفضها للكثير من السلوكيات التي تعمل قواعد السلوك على وقفها، ومعالجتها. من المهم أن تصاغ تلك القواعد بأبسط العبارات، فالمقصود هو بناء شعور عام لدى الموظفين برفض التعامل مع كل من يمارس تلك السلوكيات، وأن يعرف الجميع أن وضعها في السجل الوظيفي سيحد من فرص الترقية، والانتقال إلى مؤسسات حكومية أخرى، فالجميع متفق على رفض هذه السلوكيات.