Author

مجلس الشورى يرفض تعديل سلَّم الرواتب

|
درست لجنة الإدارة والموارد البشرية المقترح وأوصت في تقريرها بعدم ملاءمة المقترح وقالت إن الأصل في شغل الوظائف والترقية من مرتبة لأخرى هو الكفاءة ومستوى الأداء والتأهيل والمفاضلة بالأقدمية وإن الترقية تشكل حافزاً للموظف لتطوير ذاته ورفع مستواه من خلال التدريب وحسن أدائه الوظيفي وإنتاجيته. وأكدت أن المقترح سيكون له أثر سلبي في الأداء الوظيفي بشكل عام بسبب عدم اهتمام الموظف بتطوير ذاته ورفع كفاياته، حيث يمكن للموظف البقاء في مرتبة واحدة أو مرتبتين طوال مدة خدمته الوظيفية مكتفياً بالحصول على العلاوة الدورية. وبينت اللجنة أن مجلس الخدمة المدنية قد أقر ضوابط كافية لمعالجة مشكلة التجمد الوظيفي لبعض الموظفين والموظفات في الجهات الحكومية ويعمل فيها منذ ثلاث سنوات وهي المدة التي بنهايتها ستقوم وزارة الخدمة المدنية برفع تقرير لمجلس الخدمة المدنية عن نتائج تطبيق تلك الضوابط وإيجابياتها وسلبياتها إن وجدت. هذا هو رأي لجنة إدارة الموارد البشرية في مجلس الشورى الموقر. تمديد السلم سيؤدي إلى عدم اهتمام الموظف بتطوير قدراته. المؤلم أن أغلب أعضاء اللجنة عملوا في القطاع العام ويعرفون أسباب التجميد الوظيفي الذي يعانيه أغلب موظفي القطاع. حديث اللجنة يميل إلى الفلسفة أكثر منه للواقعية، وهو ما يجعل مناقشة القضايا في المجلس أشبه بالحكم على الأمور من برج عاجي. إن الذين يتحدثون عن مسؤولية الفرد في تطوير قدراته يلغون كل مفاهيم إدارة الموارد البشرية. لعل من المهم هنا أن نذكر أن مسؤولية تطوير قدرات الموظف والاستفادة القصوى من إمكاناته ووضع المسارات التدريبية وبناء المسارات الوظيفية عليها هو واجب أصيل من واجبات المسؤول المباشر. الحديث عن مسؤولية الفرد لا مكان له هنا، كما أن الحصول على العلاوة الدورية غير مضمون فهو مرتبط بتقويم الأداء الوظيفي، وهو من مسؤوليات الرئيس المباشر والرئيس المصدق على التقويم. يضاف إلى تجاوز اللجنة تصريح عضوين فيها بأن صغار الموظفين لا يهتمون بأداء أعمالهم ولا تطوير قدراتهم، وهو من الأمور المستغربة. المعروف أن الأنظمة تلزم الجميع بمستوى أداء معين يتم على أساسه تقويم الأداء الوظيفي، فإن كان الموظف غير مهتم، فالعيب الحقيقي هو في بيئة العمل. أظن أنه من المهم المقارنة بين الأداء في القطاعين الخاص والعام في هذه النقطة بالذات، فالمسؤول الذي يقيم أداؤه بناء على المخرجات يهتم بالتالي بكفاءة الأداء من قبل المكونات الأدنى من منظومة العمل التي يرأسها. يقودني أسلوب التفكير والتعامل الذي يتبناه بعض أعضاء مجلس الشورى إلى الاعتقاد أنهم بعيدون كثيراً عن واقع المجتمع ومعاناة المواطن اليومية. كما أن الكثير من مناقشات المجلس تتم بأسلوب العمل داخل الصندوق، رغم أن أكثرهم مؤهلون وعلى مستوى عال من الخبرة والتعليم. فقضية رواتب المتقاعدين مثلاً، بقيت تدور في إطار المبالغ المالية التي تصرف، ولم يفكر أحد في أن يدخل على منظومة النقاش ما يمكن أن نتعلمه من الخبرات الدولية في المجال. أقدر أن الأعضاء يحصلون على رواتب تتجاوز 20 ألف ريال، وهي مضمونة لهم حتى بعد ترك المجلس، لكن هذا لا يعطيهم الحق في حرمان ذوي الدخل المتدني من نقاش علمي واقعي يعالج مشاكلهم. أعود لقضية سلم الرواتب الذي قرر المجلس تكليف لجنة خاصة لدراستها وهي قضية يعانيها كذلك ضباط الصف الذين تنطبق عليهم أنظمة الخدمة العسكرية. المعلوم أن إشكالية الترقيات هي من صنع وزارتي الخدمة المدنية والمالية، فإحداث الوظائف يمر بمسار حرج يؤدي في كثير من الأحيان إلى إحداث وظائف يستفيد منها أشخاص ليسوا بالأكفأ، وهذه معلومة لدى الوزارتين وكل من يناقش الميزانية معهما. إن إعطاء القطاع الحق في تحديد الوظائف التي يحتاج إليها يعتبر حلاً، حيث يحدد له عدد من الوظائف وهو يحدد مسمياتها ومواقعها، لكن هذا من الأمور التي تعتبرها الوزارتان من الحقوق المكتسبة، وهو نتيجة الشك في عدالة التوزيع، فهم يعملون بمبدأ السيدة عدالة معصوبة العينين، وعليه تصبح قضية اعتماد الوظائف محصورة بين موظفي الميزانية وقرنائهم في الوزارتين لـ ''تفرخ ''، حلولاً أسوأ تجعل العلاقة مع الموظفين المسؤولين عن مناقشة الوظائف ضرورة للترقية. لكن الحل الأفضل والأضمن يتطلب كثيرا من الإجراءات، ومن ضمنها إعادة صياغة تقويم الأداء الوظيفي وربطه بإنجازات الإدارة، حيث تكون هناك نسبة لا يمكن تجاوزها في كل فئة من فئات التقويم. يربط هذا الإجراء بخفض عدد المراتب الوظيفية، كما هو معمول به في سلم الوظائف التربوية للوظائف من العاشرة فما دون لأنها المنطقة التي يعاني شاغلوها التجميد المالي الذي يصل في بعض الأحيان إلى عشر سنوات رغم تمديد السلم. أما الوظائف العليا فيمكن أن تبقى على ما هي عليه، مع ضبط عملية التقاعد وإلغاء التمديد بشكل نهائي.
إنشرها