احتجاج إثيوبي .. عار عليكم أنتم
كتبت مقالاً سابقاً عندما اكتشفت شبكة دعارة تعمل في إحدى القرى الجنوبية يديرها اثنان من رعاة الأغنام. تم الاكتشاف مصادفة عندما شكَّت إحدى بنات الرجل المسن في تصرفات الراعي. يعود الراعي في التاسعة صباحاً، ويبقى في حجرته حتى وقت متأخر من الظهيرة، يعود بالأغنام للمرعى لساعة أو أقل. ثم يغلق الأبواب والنوافذ ولا يسمع عنه أحد حتى اليوم الثاني.
عندما اقتربت المرأة من غرفة الراعي سمعت ضحكات نسائية، وهو ما دفعها للاتصال بأختها وأبيها ومحدثكم، وصلنا وقد خرج الراعي من الغرفة، أقفل الغرفة بالمفتاح وتوجه بعيداً. وكان يتصل من جواله على شخص آخر ويصرخ بصوت عال. حاولنا فتح الغرفة، وقبل أن نكسر الباب جاء الراعي ليفتح لنا، لنكتشف بقايا جرائمه وجرائم أصحابه على أرضية الغرفة. الملابس النسائية والترتيب المختلف للغرفة فاجأنا، لكن المفاجأة الكبرى كانت عندما اكتشفنا أنه كسر جدار دورة المياه، وحولها إلى مدخل سري لمخدع الفساد الذي يديره.
هرب زميله وشريكتهما دون أن نتمكن من التعرف عليهما، وأبلغنا الشرطة بوضع العامل الذي لم يكن نظامياً أصلاً. لكن مدير المركز أضاف إلى المفاجأة معلومات خطيرة، منها أنه تم القبض على رعاة وعمال يبيعون الخمور، وأن أغلبية حالات الحمل التي تتذرع بها المتسولات عند إشارات المرور والمساجد هي نتائج سفاح مثل ذلك الذي كان يمارسه الراعي وزملاؤه.
استفحلت القضية في جنوب المملكة وبدأ المواطنون في مقاومة هؤلاء بعد أن اتضح خطرهم للجميع. تخلص كثيرون من الإثيوبيين العاملين لديهم. استمرت المطالبات باتخاذ إجراءات حاسمة، خصوصاً أن السرقات لم تتوقف وحالات الاعتداء المسلح استمرت. أظن الحملة لو كانت مبكرة وفي كل المناطق لحققت نتائج أفضل.
سافرت هذا العام إلى أبها، ولم أجد الكم نفسه من الإثيوبيين في الشوارع والمزارع والمراعي. لكن أعداداً منهم استمرت في الوجود في المنطقة، توجه البقية إلى حيث يمكنهم الاندماج في السكان والحصول على ما يريدون، ومن ذلك ممارسة الأعمال غير المشروعة.
طالب الناس بإجراءات حاسمة في التعامل مع هؤلاء، الأسباب واضحة. هم يعتدون على الناس بشكل سافر ومخيف ويستخدمون في ذلك الآلات الحادة كالسواطير. يعملون في وظائف جهدية، لكن كثيرين كانوا يعيشون على مخالفات أخلاقية وشرعية. وفرت الفترة التصحيحية فرصة حقيقية لهؤلاء للخروج، وكف أذاهم عن الدولة والشعب، ولكنهم أبوا إلا أن يبقوا لأن الاعتقاد كان سائداً بأن هذا الأمر يتعلق بمن لديهم إقامات أو يعملون خارج نطاق أعمال كفلائهم. علاوة على أن كثيرين منهم قطعوا علاقاتهم مع أهلهم وباعوا كل ما يملكون عندما رأوا أن أسلافهم بقوا في السعودية دون رادع أو عقاب من أي نوع.
انتشر خلال الفترة الماضية فيلم سمي بالجحيم السعودي، وهو محاولة للتأثير في القرار في المملكة للإبقاء على الوضع كما هو أو للإساءة لسمعة المملكة دولياً. توجه الإثيوبيون إلى سفارات المملكة في عدد من الدول للاحتجاج على تطبيق القانون بحق مواطنيهم. العبارة التي استرعت انتباهي في مظاهرة أمام السفارة السعودية في واشنطن هي ''عار عليكم''، وهو ما لم أفهم القصد منه.
هل من العار علينا أن نرحل الأشخاص الذين يدخلون إلى الدولة بطريقة غير نظامية؟
هل من العار علينا أن تركناهم كل هذه الفترة دون حساب ولا عقاب؟
هل من العار علينا أن أعطيناهم الفرصة لتصحيح أوضاعهم بأي طريقة ممكنة ولمدة ستة أشهر؟
هل من العار علينا أن نحتفظ بالهدوء ويمتنع أفراد الأمن عن استخدام السلاح رغم ما شاهده كل العالم من المظاهرات والتجمعات والاعتداءات التي طالت المنازل والمحال وحتى ضباط وأفراد قوات الأمن؟
هل من العار علينا أن وضعنا من يتم القبض عليهم في أرقى مباني العاصمة، وقاعات المحاضرات الجامعية وفي أرقى الأحياء رغم مطالبة الكثيرين بأن يكون احتجازهم في مخيمات خارج المدن؟
هل من العار علينا أن وفرنا أفضل الخدمات والإعاشة لهؤلاء المخالفين؟
هل من العار علينا أن قابلنا كل تلك الإساءات والجرائم بالعفو والصفح؟
كان تنديد الإثيوبيين المقيمين في واشنطن بدافع عشوائي غوغائي لا يحتكم إلى عقل أو منطق، ولو أفرغ أي منهم جيوبه لكان أول ما نشاهده هو أوراقه الثبوتية التي لا يمكن أن يجول أو يعيش أو يعمل من دونها في الولايات المتحدة. ومع ذلك يطالب بأن يخترق قانون دولة أخرى، وتسكت الدولة عن هذا الاختراق الفاضح. هذا القانون ينطبق على كل دول العالم، فكيف يسمح هؤلاء لأنفسهم بانتقاده لدينا .. عار عليكم أنتم!