«شوف»

حضرت ملتقى ''شوف'' المقام يوم الخميس 24 تشرين الأول (أكتوبر)، بتنظيم من مؤسسة الأمير محمد بن سلمان ''مسك''، الذي تناول الإعلام الرقمي المرئي، وكانت جلساته تدور حول مستقبل هذا الإعلام وأخلاقياته وأبرز الناجحين الممارسين في المجال، وكذلك فرص التسويق المتاحة.
حظي الملتقى بحضور شاب ينضح طاقة وحياة وعطاء ونجاحا وإنجازا وعقولا نيرة تبعث الأمل والسعادة والفخر. وبعاطفة تتدفق لعمل الأكثر والأكبر.
شدتني لفتات عديدة في الملتقى. كان من أجملها وجود لغة الإشارة وترجمة الملتقى للجمهور الصم، مما أتاح الفرصة لهم بأن يحضروا بل ويشاركوا بآرائهم، وهذه لفتة لم أرها من قبل في أي ملتقى أو مؤتمر حضرته.
''شوف''، اسم الملتقى، كان له دلالاته الأخرى الملهمة، وكأنه ''شوف'' للتأمل وإعادة الرؤية وقراءة الظروف والأفكار.
الجمهور الشاب من بنات وشباب كان متحمسا حاضرا فاعلا تحت سقف عالٍ وتنظيم رائع وإيقاع أروع يلهم على النجاح والعطاء نتطلع منه للمزيد. لا يوجد أروع من أن تقرأ في عيون الحاضرين شغف الحياة وعطاءها والرغبة الأكيدة في بنائها وإعمارها.
ولا يوجد أظرف من أن تقرأ في وسم الملتقى روح المرح في التعاطي مع الجلسات، التي أشبه ما تكون خلف الكواليس يفضفض فيها الحضور ويعبر عن مشاعره وآرائه فيما يتلقاه.
هذه الثروة الشبابية التي يتمتع بها بلدنا الحبيب وهي أغنى ثروات الدول والأوطان، لا يمكنني حين أقترب من تلك العيون ألا أتأثر عاطفة وعقلا حماسة وحبا، رغبة في أن تكون فرصنا أكبر في كل المجالات. وبالتأكيد التحديات كبيرة جدا أمام هذه الثروة الضخمة.
أحدهم قام بمداخلة بعيون ملؤها الطموح يقول أن ''يوتيوب'' يجب ألا يكون مثل ''الكب كيك'' مجرد موضة! بل يجب أن توجد الفكرة أولا وتكون الفكرة ثقيلة لتملأ مكانها، فـ ''اليوتيوب'' وسيلة مهمة لكنه بحد ذاته ليس غاية، فإذا حضرت الفكرة أولا أصبح لـ ''يوتيوب'' جدواه. من ضمن المعلومات القيمة التي ذكرت في الملتقى أن عدد مشاهدات ''يوتيوب'' للمستخدم الواحد في السعودية تصل إلى أكثر بثلاث مرات من عددها لدى المستخدم في أمريكا. ولهذا نوه عبد العزيز الشعلان بأن المحتوى السعودي لـ ''يوتيوب'' يجذب معلنين من أمريكا وأوروبا ومعلنين متعددي الجنسيات، وما زال المعلن السعودي لا يثق بعد بالإعلان على ''يوتيوب''.
عبد المجيد الكناني معد ومقدم برنامج ''لقيمات'' في ''يوتيوب'' تحدث عن فخره وأسفه بالطاقات الفنية السعودية؛ فخره بأنها تحصد جوائز دولية في مواهبها رغم أنها لم تتعلم ولم تدرس الفن في وطنها، وهذا يدعو للفخر والأسف لأن الفن جميل يا جماعة، والله جميل يحب الجمال.
ولا أعلم ما سبب عدم وجود معاهد لصناعة الفن السينمائي حتى اليوم؟ هل السبب ديني؟
هل الفن السينمائي محرم؟ فإذا كان الفن محرما فلماذا توجد مؤسسة للتلفزيون السعودي تعرض الأفلام؟
وضع هذه الأسئلة ومواجهتها وإعطاء تلك الثروة الشبابية لتتعلم وتصنع فننا الخاص بنا الذي يؤصل هويتنا الوطنية، بات ضرورة ملحة وليس ترفا أبدا. الفن هوية تدفع لأجله هوليوود البلايين لتنشر ثقافتها الأمريكية وهيمنتها حول العالم، في الوقت الذي تقاوم وتسعى فيه الدول الأوروبية بفنها لتجعل ثقافة شبابها تنتمي لأوطانها أولا قبل أي أوطان أخرى تسعى للهيمنة.
في السينما الفرنسية لا تجد فيلما باللغة الإنجليزية وهكذا لدى الآخرين. لدى كل من يؤصل لهويته ولغته.
''شكرا'' شوف فقد شفنا.. وتأملنا وأُلهمنا وبقي أن نتحرك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي