كيف نصنع جيلا من الرواد والمبادرين؟
كتبنا في المقال السابق عن أول عوامل النجاح في ريادة الأعمال، وهو توافر الفرص الاستثمارية المناسبة، وهذا ما يتيحه اقتصاد المملكة في هذه الأيام ولله الحمد. لكن السؤال الأهم كيف يستغل شبابنا السعودي هذه الفرص؟
لرواد الأعمال والمبادرين صفات خاصة لا بد من زرعها لدى الأجيال الناشئة، وإن كان بعضها وراثيا أو فطريا، لكن نستطيع كمجتمع ومنظمات تعليمية وجهات حكومية وخاصة أن نمكن شبابنا من اكتساب هذه الصفات وتهيئة البيئة المناسبة لصقلها وتنميتها. وهذه الصفات كما جاء في دراسة لجامعة هارفارد مرتبة بحسب أهميتها في وجود الرؤية الواضحة والأهداف المحددة لدى الشباب، حيث تمر أجيالنا بمراحل مختلفة دون أن يكون لهم أهداف واضحة، خاصة المالية منها وما يرتبط بها من تأسيس المشاريع، ناهيك عن أهمية وجود خريطة الطريق اللازمة لتنفيذ هذه الأهداف على أرض الواقع.
هذه الرؤية لدى الشباب تكون مرتبطة ومبنية على رؤية الجهات الحكومية المعنية مثل وزارات التربية، الاقتصاد والعمل، التعليم العالي وغيرها، وأين تريد هذه الجهات الوصول بهذه الأجيال؟
للمناهج والمؤسسات التعليمية دور بارز في تنمية المواهب وصقل المهارات لدى الأجيال الناشئة ومنها تنمية روح المبادرة. لا يمكن أن نحصل على جيل من الرواد ما لم نشجع هذا الجيل على أن يبادر لطرح الأفكار المبدعة، للاختراع، للابتكار وكثير في جعبة شبابنا يمكن أن نستخرجه ونحوله إلى مشاريع ناجحة وذات نفع عام. تكاد تخلو مناهجنا التعليمية من التدريب على بعض المهارات الأساسية التي تساعد الشاب على المبادرة في التخطيط لحياته وإدارة ذاته واستثمار أوقاته بما يعود عليه وعلى الوطن بالخير. حث الشباب على روح المبادرة لا بد من احتوائه بالإجراءات المناسبة التي تضمن عدم وصول المخاطرة المصاحبة لأي مشروع مبتكر حد المجازفة. قد يتحفظ بعض المبادرين على أفكاره خشيه اختلاسها، ويكون بناء الثقة من خلال سن التشريعات اللازمة لحفظ حقوق الملكية الفكرية.
بعض شبابنا يميل إلى الوظيفة الحكومية أو الخاصة التي تضمن له الاستقرار والأمان، ولا يحبذ المخاطرة، وهذا ما يجب معالجته من خلال نشر ثقافة العمل الحر، وتكثيف ورش العمل كتلك التي يقدمها صندوق المئوية، وكذلك محاضرات نافعة ونماذج من الشباب الناجح كتلك التي يقدمها مركز الأمير سلمان للشباب.
الفرص الاستثمارية المناسبة التي يوفرها الاقتصاد السعودي عامل وحيد غير كاف لتحويلها إلى مشاريع ناجحة ما لم نبن جيلا من المبادرين الذين يستطيعون استغلال هذه الفرص وتحويلها إلى مبادرات ومنشآت، نصنع جيلا يصبح صاحب أعمال وليس باحثا عن الوظيفة.. جيلا من المبادرين يصل بنفسه ووطنه إلى الريادة في شتى المجالات.