النساء في الجامعات الرائدة
وصف تقرير ''التايمز'' للتعليم العالي بمشاركة ''رويترز'' حديثا، نسبة النساء اللاتي يتولين مناصب قيادية في الوسط الأكاديمي في كثير من بلدان العالم المتقدمة بالمروعة، قياسا على ما تقوم به جمعيات حقوق المرأة منذ عدة عقود للحفاظ على المساواة بين الجنسين. درس التقرير نسب إسهام النساء في الجامعات المدرجة تحت أفضل 400 جامعة حسب تصنيف الجامعات في ''التايمز'' للتعليم العالي الذي يعتد به الأكاديميون.
الجدير بالملاحظة أن متوسط نسبة النساء الأكاديميات في أفضل الجامعات في أغلبية دول العالم لا تتجاوز 36 في المائة، يبدو أن أقلها في جامعات اليابان، حيث تشكل نسبة النساء في أفضل الجامعات فيها ما يقارب 12 في المائة، وأكثرها في تركيا بما يزيد على 45 في المائة.
يطرح الأكاديميون عدة أسباب لهيمنة الرجال على المجال الأكاديمي؛ مثل قلة التزام النساء بالعمل لفترات طويلة وتعدد المسؤوليات وتنوعها لديهن، التي تضاف إلى التزامات العمل، مثل العناية بالمنزل والأطفال، التي لها دور كبير في تنحيهن عن المراكز القيادية أو عدم استمرارهن فيها، أو على الأقل هذه هي الفكرة الشائعة عن المرأة، التي يؤيدها كثير من العادات والتقاليد وتشجع عليها، ولا أتحدث هنا عن المجتمع العربي. حيث اعتبر البعض أن أحد أسباب تأخر اليابان على سبيل المثال في قائمة نسب النساء إلى الرجال في الجامعات الرائدة، هي التقاليد اليابانية التي ترى أن مكان المرأة هو منزلها وعنايتها بالأطفال.
تناقش بهية عبد الحميد، نائب مدير مركز القيادة النسائية في الجامعة الوطنية الماليزية، أن مسؤوليات المرأة لها دور كبير في التأثير في مستوى المرأة في العمل الأكاديمي. حيث إن المرأة لا تستطيع السفر بحرية نظرا لما عليها من التزامات، مما يؤخر فرصتها في التطور ومنافسة الرجل، كما أن جزءا كبيرا من خبرات الرجل تعود لعلاقاته خارج العمل، التي تعد كبيرة نظرا لسهولة تنقلهم وتعارفهم، مما يؤثر إيجابا بشكل كبير على تدرجهم الوظيفي وتنمية خبراتهم.
يرى آخرون أن سبب قلة النساء في المناصب القيادية في الجامعات عالمية المستوى، هو أن نسبة كبيرة من النساء لا يستطعن إظهار قدراتهن كما يفعل الرجال، وأن كثيرا من هؤلاء النساء لا يجازفن بقبول المناصب لعدم ثقتهن بقدراتهن، بل ترضى بعض النساء بالأدوار الصغيرة والأعمال البسيطة مثل الأعمال الإدارية والسكرتارية حتى مع قدراتهن العالية. لا يمكن الإنكار أنه لا يستمر كثير من النساء في مناصبهن لمدة مناسبة أو يترقين لمراتب أعلى بسرعة أكبر كما يفعل الرجل، حيث يلاحظ البعض أن النساء يتنظرن أن تملى عليهن مسؤولياتهن ليقمن بأدائها على أكمل وجه، أو يضعن اهتماما أكبر للمنصب بدلا من العمل على الحفاظ عليه أو تطويره. مع ذلك، يتكرر هذا الأمر حتى مع بعض الرجال ولكن يعتقد كثيرون أن لتواصل الرجال واتساع معارفهم وتواصلهم في محيط عملهم أثر كبير في هذا الأمر. إضافة إلى ذلك، يمكن القول إن النساء يختلفن في اهتماماتهن بسبب اختلاف طبيعتهن عن الرجال، مما وضع عددا من الأمثلة غير الناجحة للمرأة الأكاديمية التي عممها البعض على النساء وأثر في تقدمهن.
من الملاحظ أنه لا توجد جامعات نسائية بالكامل من بين الـ 400 جامعة رائدة في العالم حسب الترتيب السابق. بناء على ذلك، فإن على الدول التي تود التوسع في الجامعات النسائية بالكامل مراعاة هذه المشكلة، والعمل على بناء بيئة أكاديمية تضمن إسهام المرأة الفاعل في تنمية حركة البحث العلمي والإبداع.