كبار السن هل هم خارج نطاق الزمن والضمير؟

عندما يكون لديك كبير سن أو مسن تعاني معاناة لا يعلمها إلا الله ما بين صراع تحقيق أدنى حقوق الوفاء والبر به، وبين خدمات لا تحترم هذه الهامة الشامخة التي أسهمت في البناء وتربية الأجيال.
اليوم إذا لم يكن لديك معرفة ترحم ضعف هذا المسن أو المسنة لرعايته طبيا وصحيا ونفسيا واجتماعيا، فما عليك إلا أن تنتظر انهياره ونهايته أمام عينيك، وهذا قمة الألم والإحباط، فالمتقدمون في العمر والمسنون لدينا يعانون كثيرا من أشكال مختلفة من سوء المعاملة الصحية، والنظرة إليهم بأنهم حالات ميئوس منها وعليها الذهاب إلى البيت وانتظار الأجل المحتوم. ومما زاد الطين بلة، كما يقال في المثل، أنه لا يوجد مراكز رعاية صحية أولية صديقة للمسنين كما هو موجود في بعض الدول، ومنها البحرين، ولا يوجد حتى مستشفيات تقدم خدمات المسنين، وقد كان هناك أمل عندما منحت الدولة أرضا لأحد المستثمرين لإقامة مصحة للمسنين منذ أكثر من 15 عاما وذهبت أدراج الرياح. وفي تقرير لمنظمة الصحة العالمية بينت أنه مع حلول عام 2050 سيصل عدد السكان فوق الستين عاما في الدول النامية نحو مليار نسمة، وقد أشار تقرير آخر للمنظمة أن توقعات الحياة في الدول المتقدمة وكذلك الدول النامية قد تزايدت بشكل مطرد عبر العقود القليلة الماضية، وأفاد التقريران أنه ارتفعت خلال الـ 50 عاما الأخيرة توقعات العمر من 46 عاما إلى 64 عاما، ومن المتوقع أن يصل إلى 72 عاما في عام 2020، وفي الدول المتقدمة قلت معدلات الوفاة وتزايدت معدلات العمر نتيجة الرعاية الصحية والاجتماعية، ومنذ عام 2007 كان هناك حراك خليجي لرعاية المسنين، وعقد عديد من الاجتماعات وأقيمت المؤتمرات وخرجت اللجنة الخليجية لرعاية المسنين بتوصيات مهمة لمتابعة ودمج خدمات رعاية المسنين في خدمات الرعاية الصحية الأولية، ومتابعة استحداث إدارة لرعاية المسنين بوزارات الصحة لدول المجلس، إلى جانب العمل على تشجيع دول المجلس على وضع خطة وطنية لرعاية المسنين، وتشجيع العمل التطوعي، وتحفيز وزارات الصحة على إشراك القطاعات الأخرى ذات العلاقة للمشاركة في الخدمات المقدمة لرعاية كبار السن، وأيضا إنشاء مركز معلومات وبناء قواعد بيانات خاصة بجميع المسنين قابلة للتطوير المرحلي بما يتناسب مع المستحدثات العالمية، وربطها بشبكة معلومات إقليمية ودولية، واعتماد الاستراتيجية الخليجية لرعاية المسنين، وتعزيز دور الرعاية الصحية الأولية بما يساعد على تطبيق الاستراتيجيات المعتمدة من منظمة الصحة العالمية، بما فيها الرعاية الصديقة للمسنين وحث دول المجلس على إصدار التشريعات الخاصة بحماية كبار السن وحقوقهم إلى جانب تعاون دول المجلس مع المنظمات الدولية التي تعنى بالمسنين إلى جانب ابتعاث الكوادر الخليجية للخارج لتأهيلها في هذا المجال..إلخ. من التوصيات والقرارات والسؤال أين نقف الآن بعد هذه الأفكار والقرارات الرائعة على مستوى الجانب التطبيقي؟
السؤال المطروح هل يلبي النظام الصحي والجوانب التشريعية الاحتياجات الحالية والمستقبلية للمسنين؟ وأين المدن الصديقة للمسنين والمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الصديقة للمسنين؟ وما الامتيازات التي تقدمها وزارة الشؤون الاجتماعية والتسهيلات الضرورية ومنحهم الأولوية في الخدمة بدلا من "مرمطتهم" وتعذيبهم حتى يحصلوا على الخدمة والمواعيد القريبة.
اليوم في مجتمعنا الدعم الأسري موجود ودعم جمعيات المجتمع المدني مفقود، ومن يقوم على رعاية المسن من أهله في حيرة وإحباط لعدم وضوح دور الدولة في رعاية المسن وتفضيله عن بقية الأعمار، ففي آخر المطاف البلد مسؤول عن تيسير دور الأفراد والأسرة في رعاية المسن بالتحفيز وتوفير الخدمات، ويمكن أن ننطلق من برنامج الطب المنزلي الذي تتبناه الحكومة، والذي سيغطي فجوة كبيرة في نطاق رعاية المسنين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي