الاكتئاب .. مرض عالمي!
كلنا عرضة للاكتئاب .. في الشرق كما في الغرب، ودراسة حديثة أكدت أن 11 في المائة من الرجال يصابون بالاكتئاب وتصاب 23 في المائة من النساء به .. وقد لوحظ أن الرجال أقل إقبالا على العلاج النفسي مقارنة بالنساء، إذ يفضل الرجال إخفاء حالتهم النفسية لحين تجاوز الأزمة، كما أن الرجل عموماً يعبر عن معاناته النفسية بشكل مختلف لدرجة أن أعراض الاكتئاب قد تظهر عليه دون أن يفطن له أحد.
يعتقد معظم الناس أن الاكتئاب يصاحبه حتماً الشعور بالحزن في حين أن ذلك لا ينطبق على الرجل دائماً، فالاكتئاب الرجالي يتسم غالباً بالغضب وسرعة الانفعال أكثر منه بالحزن الذي يعتبر من أبرز أعراض الاكتئاب النسائي حسبما لاحظه العالم النفسي "كينيث كارتر"، إذ إن المرأة تميل إلى الاستعانة بالطب النفسي وكظم غضبها وهو الشيء الذي يفعل الرجل عكسه تماماً لقدرته على اعتزال أهله وأصحابه وإظهار نوع من العدوانية والعنف تجاه زوجته وأطفاله وزملائه في العمل.
والاكتئاب ينجم أيضاً عن نقص في هرمون "التستوستيرون" مما قد يؤدي إلى ظهور أعراض تقليدية مثل الإعياء والاضطرابات الجنسية، إلا أن الهرمونات لا تقدم تفسيراً كاملاً للظاهرة، فقد يحدث أن يؤثر التعرض لأزمة عاطفية مثل فقدان الوظيفة أو الفشل في الزواج في المزاج ويضعف من توليفة الناقلات العصبية. يضاف إلى ذلك عوامل أخرى مثل إدمان الكحول أو المخدرات أو التدخين.
ومن شأن إهمال حالات الاكتئاب وعدم معالجتها أن يسفر عن مأساة؛ إذ تنتهي 15 في المائة منها بالانتحار. ولقد كشفت دراسة أجريت في "الولايات المتحدة الأمريكية" على مدى 40 عاماً، أن الأشخاص الذين أصيبوا بالاكتئاب أكثر عرضة للأمراض العقلية. من جهة أخرى كشفت دراسة سويدية أن معدلات الوفيات ذات العلاقة باضطرابات الاكتئاب تعادل تلك الناجمة عن السرطان والسكري وأمراض القلب والشرايين. وأظهرت دراسة أخرى طويلة المدى وجود علاقة بين الاكتئاب والشيخوخة المبكرة للجسم لدى الرجل.
وفيما تستجيب بعض الحالات للعلاج النفسي تبقى أنواع أخرى من الاكتئاب المزمن بحاجة إلى أدوية تحفظ إفراز الناقلات العصبية التي تضبط المزاج في الدماغ، وأحياناً يحتاج الرجال المصابون بالاكتئاب الناجم عن نقص في هرمون "التستوستيرون" إلى علاج الهرمون البديل المشابه للعلاج الذي يوصف للمرأة في سن انقطاع الطمث، إلا أن اللجوء إليه يتم في نطاق محدد كونه قد يؤدي للإصابة بتضخم "البروستاتا".
إن الاكتئاب ليس دليل ضعف ولا مشكلة تقتصر على الرجال بل هو مرض مثله مثل السكري والزكام، وبالتالي فهو قابل للشفاء إذا تم اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة.