مدافع الشِعر
في ذاكرة الفتوحات الإسلامية المجيدة لا تجد فتحا يوازي ( فتح عمورية ) شهرة ، ولا تكمن شهرته في الأهمية أو البطولات ، بل مكمن تلك الشهرة قصيدة أبي تمام ( السيف أصدق إنباء من الكتب ) ، التي خلدت ذلك الفتح وأشاعته بين الناس إلى عصرنا الحديث ؛ لأن تلك القصيدة تملك من المقومات الفنية والشعرية ما جعلها من عيون الشعر العربي التي يتداولها الناس على مر العصور .
مر عامان على الثورة السورية ، وما تزال رحى الحرب دائرةً بين جيشين ، الأول سلاحه الإيمان وطلب الكرامة ، والثاني سلاحه دعم دكتاتوريات الشرق المظلمة للسيطرة على أعناق العباد ، لكن الله يأبى أن يظل الحال كما هو ، فهاهم الأبطال على كل جبهة يحاربون ويناضلون لنيل حريتهم وكرامتهم ، فجنود الجيش الحر يناضلون عسكريا ، وأقطاب المعارضة السياسية يناورون ويتحركون في كل العالم ، حتى استطاعوا حشد الرأي العالمي إلى صفهم ، وحتى المهجّرين قسرا أو بحثا عن رزقهم ، هاهم يناضلون إلى جوار جنود الجيش الحر بما يتاح لهم من منابر إعلامية أو فنية أو ثقافية .
صديقي الشاعر المهندس عبدالرحمن لطفي ، يقيم في مدينة الرياض من زمن بعيد ، مذ اتقدت شرارة الثورة الأولى وحنجرته تصدح بالقصائد المدوية تعزيزا للثورة ، يجتهد في نشرها في كل مكان يستطيع الوصول إليه ، ولم يكتف بهذا بل أخذ يجمع الشعراء حوله في كل ملتقيات الإنترنت ، وصفحات التواصل الاجتماعي التي يكتب فيها ، حتى تمكن أخيرا من صناعة منبرٍ لشعر الثورة ، فجمع ستة شعراء في منزله يصدحون بأمجاد الثورة ولها ، يتقدمهم الشاعر الطبيب وليد الحراكي ، والمهندس مؤيد حجازي ، والمهندس عبدالمجيد الفريج ، والمهندس عبدالرحمن لطفي ، والأديب محمد أمين أبو بكر ، والأديب عبدالمنعم الجاسم ، في أمسية عابقة بالحرية والمجد والشعر العربي الأصيل ، تغنى في ذلك المساء كل الشعراء دون استثناء بحب سورية وأهلها ، وبطولات الأحرار ، مطرزين سماوات العزة بدماء الشهداء، مستبشرين بالنصر ، وزوال الظلم ، وطاغوته بشار .
أتذكر أن صديقي لطفي كان دائما ما يبحث عن الفرص التي يستطيع فيها أن يجمع الشعراء ، وقد تحقق له هذا أخيرا ، وعبر عنه د. وليد الحراكي بأنه باكورة اللقاءات ، في إشارة إلى رغبتهم في توالي الاجتماعات ، وفي ظني أن هذا اللقاء سيكون نواة تكبر وتكبر حتى تتحد حناجر الشعراء والمفكرين من سوريين وسعوديين وعرب في المملكة العربية السعودية ، وسيكون نتاج هذا الاجتماع أدبا عظيما يخلد الثورة السورية ، وهذا ما يفعله الأدب إذا أتيحت له الفرصة .
اجتماعكم يا مهندس عبدالرحمن نافذة واسعة على سوريا ، فاستمروا في حشد كل الإمكانات ونحن معكم بما نستطيع من أجل تلك اللحظة التي يترقبها الجميع ، وينزف الشعب السوري الحر مزيدا من الأرواح والدماء في سبيل بلوغها ، وأناشد كل المنابر الثقافية والإعلامية أن تفتح أبوابها ومنابرها أمام حناجركم الحرة .