التعليم في التعاون الاقتصادي والتنمية (1)

يعد أندرياس شلايشر أحد خبراء تقويم تطوير التعليم على مستوى العالم، وهو إحصائي ألماني وباحث في مجال التعليم. وهو رئيس ومنسق برنامج منظمة التعاون والتنمية الدولي لتقييم الطلاب ''بيزا'' PISA، والذي تشرف عليه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD منذ عام 2000، بهدف تحسين أنظمة وسياسات التعليم العام ومخرجاته. يقيّم البرنامج مهارات ومعلومات طلاب التعليم العام في سن الخامسة عشرة في القراءة والكتابة والعلوم، فيما يصل إلى 70 دولة من دول العالم. ويتكرر التقييم كل ثلاث سنوات، حيث يتم إعلان النتائج للدول المشاركة لتعمل على رفع مستوى التعليم لديها.
أوضحت الدراسات، أن الولايات المتحدة من أكثر الدول تطورا في التعليم العام وأكثرها من حيث نسبة أعداد خريجي الثانوية من الشريحة العمرية المناظرة، لكن تلك الدراسات تتحدث عن فترة الستينيات. حيث إنه قل مستوى التعليم العام الأمريكي وأصبح ترتيبها الثالث عشر بين الدول في التسعينيات من القرن الميلادي الماضي. تزايد اهتمام بعض الدول على التعليم العام والتركيز عليه من خلال اتباع استراتيجيات عديدة وتوفير أغلب الإمكانيات الضرورية، على الرغم من تباين اقتصاد الدول وارتفاع تكاليف التعليم من بناء المدارس ورواتب المعلمين وتطوير المناهج وتوفير المصادر التعليمية وما إلى ذلك؛ ما أدى إلى رفع مستوى التعليم بشكل ملحوظ في تلك البلدان وتخطيها مستوى التعليم الأمريكي مثل كوريا وفنلندا وسنغافورا وسلوفاكيا وغيرها.
يبدو لبعض المراقبين وغير المختصين أنه من الممكن تبني النماذج التعليمية الناجحة من الدول الأخرى وتنفيذها كما هي في بلدها الأم. مع ذلك، يلاحظ أن كل دولة اتبعت طريقة مختلفة للعمل على رفع مستوى التعليم لديها. عملت البرتغال وهنجاريا على رفع مستوى التعليم العام عن طريق تحسين نوعية التعليم وتحقيق المساواة. كما توجهت بولندا، التي يضرب بها المثل بسرعة ارتفاع مستواها التعليمي بنوعية جيدة، بتحسين مستويات المدارس ذات الأداء الأضعف؛ ما أدى لرفع مستوى التعليم لديها ككل. لم تعمل بولندا على فصل المعلمين أو تغيير ثقافة الأهالي لاستيعابهم للتعليم وتشجيع أبنائهم كما لم تعمل على تغيير اقتصادها، بل عملت على تغيير نظام التعليم والتركيز على التدريب بشكل مكثف.
يتوقع أن يكون مشروع ''تطوير'' الذي بادر به الملك عبد الله بن عبد العزيز ــــ يحفظه الله ــــ من المشاريع الرائدة التي تهدف إلى تطوير التعليم العام ورفع قدرة المملكة على التنافس عن طريق تبني بعض البرامج التطويرية، التي تشمل البيئة المدرسية والمناهج التعليمية والمعلمين. يرى كثيرون في هذا البرنامج استعداد المملكة للتطوير والتقدم، كما يعتبره البعض من الانتصارات التنموية في المملكة. وكلنا أمل في أن يحقق هذا المشروع أهدافه المرجوة إذا توافرت له البيئة المناسبة وتمت الاستفادة من الخبرات العالمية، وذلك من خلال التشخيص الدقيق لمواطن الضعف في نظامنا التعليمي وفي أداء طلبتنا ومدرسينا وعمل البرامج العلاجية والتصحيحية لتقويم هذا الاعوجاج ورفع الطموح للمنافسة العالمية. نتمنى أن نرى مشاركة المملكة في منافسة ''بيزا'' العالمية، حتى لو كان لغرض التجربة والتقويم والاستعداد والتطوير على أمل الريادة في السنوات المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي