إرحل !!
يا قومُ ، ما للصبحِ أضحى مُعتما
وجهاً غريباً لا حروفَ ولا فما
في جفنهِ وقْعُ الرصاصاتِ التي
تغتالُ طفلا رامَ أنْ يتبسّما
تجتاحُ روحَ الحقِّ في شعبٍ أبى
ذلَّ الحياةِ وحاكِما مُتجَهِّما
يتساقطونَ على الكرامةِ حسبُهم
أنّ الحياةَ لمَن يعيشُ مكرّما
من قبرِ ( خالدَ ) يشحذونَ قلوبَهم
فغدوا سيوفا بالشجاعةِ صُرّما
صعدوا إلى مجدِ الأُباةِ كواسرا
عزُّ الأوائلِ لم يروهُ مُحرّما
يجدونَ في الموتِ الزؤامِ حلاوةً
أما الجبانُ يرى المنيةَ علقما
حريةٌ لمعتْ تزيلُ ظلامَهم
فتسابقوا نحوَ التحررِ أنجُما
يورونُ في غسقِ الحياةِ دروبَهم
بالحلمِ ، حتى صارَ فيهم مَعْلَما
هتفوا ، لعمْريِ لن تُضامَ حناجرٌ
رُبطت على عنقِ السلامةِ صُوّما
تبّت يدا بشارَ ، تبّ لسانُه
شُلّت يمينٌ دأبُها سكبُ الدّما
ارحل ، فكفُّكَ عُلّقتْ مغلولةً
عجبي لمغلولٍ يثورُ ليحكُما
بشارُ ، صخرتُهم تزيدُ صلابةً
لن يبْشُرَ الصوانَ عزمٌ أجذَما
منحوكَ فرصتَكَ التي أهدرتَها
فارحلْ فما أحرزتَ قطّ تقدُّما
فرّطتَ في الجولانِ رُغمَ أنينِها
وطفِقتَ في لبنانَ تطلبُ مغْنَما
رحّلتَ نصفَ الشعبِ يطردُ قوْتَه
والنصفُ يركعُ تحتَ ظلمِك مُعدَما
ونفيتَ مَن قال : الحياةُ كئيبةٌ
وقتلتَ من أبدى لدَيكَ تبرُّما
أقصيتَ مَن آنستَ عزةَ روحِهِ
وجمعتَ حولكَ ما تشاءُ من الدُّمى
ووهِمتَ أنَّ الشعبَ مُلْكُ عصابةٍ
تمتصُّ ماءَ الشعبِ من كبدِ الظّما
لم يبقَ في عِرقِ الشآمى قطرةٌ
إلا لهيبٌ بالفظائع أُضرِما
الشعبُ تزفِرُ ريحُهُ ممزوجةً
بالموتِ يا بشارُ فارحلْ أبكما
لن ترجعَ الأصواتُ نحوَ حناجرٍ
هتفتْ بأنّ المعتدي لن يسلما
أسدٌ على شعبٍ بريءٍ أعزلٍ
عهدُ الزعامةِ يا زعيمُ تصرّما
فارحلْ وقد قامَ العمودُ معانقا
حبلاً على عُنُقِ الزرافةِ مُحكما
( ارحلْ ) ترددُها العوالمُ كلُّها
( ارحلْ ) وربِّ البيتِ لن تتزعمَا