الاعتبارات الأخلاقية في العمل الاستشاري
تتجه المؤسسات الحكومية والخاصة للتعاقد مع المكاتب الاستشارية ليس لنقص في كفاءاتها البشرية، إنما للتركيز والتفرغ للخدمات الأساسية التي تقدمها المؤسسة وترك المشكلات والتحديات للاستشاري التي من المفترض أنها تدخل ضمن اختصاصه وعمله الأساسي المكلف به. ومن الواضح أن هناك قصورا في فهم الدور الذي يقوم به الاستشاري للمؤسسة وما يجب أن يتحلى به، سواء من الحيادية أو الموضوعية في كتابة التوصيات وإعداد التقارير والدراسات. ومع ضعف ثقافة الاستشارة وصعوبة بناء القرارات الجماعية المعتمدة على أرقام وتحليلات فنية واعتقاد البعض أن التعاقد مع الاستشاري تكاليف مبالغ فيها بدلا من أنها أكثر اقتصاديا على المدى الطويل. يتضح أن هناك ضبابية في فهم العلاقة بين المؤسسة والاستشاري، التي يتخللها العديد من الاعتبارات الأخلاقية.
بطبيعة الحال لكل مهنة أخلاقيات متعارف عليها، أصبحت مسلمات لا تقبل النقاش كالسرية والأمانة والمسؤولية والمحاسبة. حيث في المقابل هناك اعتبارات أخلاقية أساسية يفترض للاستشاري التحلي بها عند تقديم الاستشارات المطلوبة بالأخص من لهم باع طويل في تقديم الخدمات الاستشارية، التي من المفترض أن يلتزم بها كأبجديات وأسس للعمل الاستشاري. ولا شك أن الممارسات غير الأخلاقية تؤثر في المهنة بشكل خاص والقطاع بشكل عام، التي يمارسها الاستشاري في التنازل بجزء أو بعض من المهام الموكلة إليه وتعهيدها إلى أفراد أو مكاتب أخرى دون إشعار المؤسسة، ما يتسبب في تعثر المشروع لاحقا لعدم إلمام المكتب الاستشاري - المتعهد - بإدارة المشروع وتنفيذه أو عدم رضا الجهة المستفيدة من الخدمات المقدمة من الاستشاري لاختلاف جودتها عما هو متوقع.
ومن الممارسات غير الأخلاقية المؤثرة في القطاع الاستشاري تضارب المصالح بين المؤسسة والاستشاري، خصوصا الذي تمارسه بعض المكاتب الاستشارية العالمية، التي تدقق العمليات المحاسبية والمالية في المؤسسة نفسها التي تطلب الاستشارة. وتحدث غالبا عندما يقوم الاستشاري بالتعاقد مع المؤسسة، التي هي في الأصل من العملاء الحاليين للاستشاري، ويتضح ذلك عندما يقوم الاستشاري أو المدقق الداخلي بتسريب المعلومات السرية، التي تخص المشروع الموكل إليها والتفاصيل التي لا يجب إيضاحها للمكتب الاستشاري المزمع التعاقد معه.
وفي حقيقة الأمر، يظل القطاع الاستشاري في المملكة في حاجة إلى مظلة تنظيمية وتشريعية تضمن لجميع الأطراف حقوقهم، سواء بإنشاء هيئة وطنية للمكاتب الاستشارية أو لجنة وطنية تنسق العمل، وتتم إعادة هيكلية القطاع الاستشاري برمته في المملكة، التي تضمن لهذا القطاع الاستدامة والتوطين في ظل التحديات الاقتصادية، التي من أهمها البطالة وتعثر المشاريع التي تكون تكلفتها مضاعفة عن المشروع نفسه عندما تسند الأعمال الاستشارية لغير المتخصصين وكما يقال دوما (صاحب الصنعتين كذاب).
كاتب متخصص في التسويق والإدارة الاستراتيجية