أندية غير مقنعة
في كل المواسم السابقة كانت نغمة ''الدوري ضعيف'' يتردد صداها على استحياء بين الحين والآخر، تارة لتكريس الثقافة المهبِّطة التي تتستر برداء التعصب، وتارة أخرى لقراءة وتشخيص الوضع الفني العام للفرق المتنافسة في الدوري بشيء من المنطقية حتى وإن كانت وجهات النظر في أغلب الأحيان بعيدة نوعاً ما عن الوقوف على الحقيقة.
في هذا الموسم بالذات أجزم بأن الوضع مختلف تماماً عن سابقيه، ويحق لي أن أقول (بملء فيَّ) وبعيداً عن حسابات الميول والتعصب أو وجهات النظر البعيدة عن ملامسة الواقع إننا بالفعل أمام مباريات لا ترقى للمستوى المأمول، وكان من الطبيعي والمنطقي أن تنتج لنا منتجاً هزيلاً يتناسب مع واقع كرتنا الذي يزداد استياء عاماً بعد عام، لذلك لم يكن من المستغرب لتلك الجملة الشهيرة والمعزوفة الموسمية أن تحضر وتتردد بقوة هذه السنة ما دامت تتكئ على مسببات كثيرة يجسِّدها واقع فني رديء، وتخبط واضح للعيان تسير عليه معظم أندية دوري ''زين''.
هذا الواقع الفني المهزوز أفرز لنا أندية غير مقنعة، تفوز بمباراة ويكون الاستياء سيد الموقف، وتنتصر ببطولة ويحضر الانتقاد، وتبدأ بداية موفقة في بطولة قارية مهمة ورغم ذلك يطير رأس المدرب، وما إن يشرع المحللون والنقاد في تقديم وجهة نظر فنية تمجِّد ذلك المدرب ومجموعته الرائعة حتى يفاجأوا بهدم ذلك كله في مدة قصيرة، أما الأشد غرابة هنا فهو أن الملاحقين الأربعة للفتح المتصدر يمكن أن يتوجوا بالدوري وهم يقدمون مستويات ضعيفة ومتذبذبة لا تحظى برضا جماهيرهم الغاضبة، فضلاً عن النقاد والمحللين!
جملة هذه المتناقضات الكثيرة والعجيبة لم تعد سمة لبطولات النفس القصير، بل أصبحت واقعاً مزدوجاً نعيش تبايناته الواضحة لحظة بلحظة في كل مباراة من مباريات الدوري، وتنعكس آثاره السيئة على قوته وسمعته، فمَن الذي أوصلنا إلى مرحلة تتغير فيها القناعات والتحليلات والآراء الرياضية بين عشية وضحاها؟ وكيف لنا أن نوفِّق بين فريق يفوز في مباراة أو ينتصر ببطولة، بينما جمهوره غاضب، وإداريوه لم يقتنعوا بمستواه؟
لن أستطيع أن أجيب عن هذه التساؤلات المهمة في هذه المساحة، فهي تحتاج بالتأكيد إلى عدة مقالات، لكنني أعتقد أن جزءاً كبيراً من مشاكلنا وتناقضاتنا إداري بالدرجة الأولى، فالإداري (السوبرمان) المهووس بالمركزية هو الذي يتصدر المشهد.. يتعاقد مع الأجانب، ويختار المحليين، ويتحكم في كل صغيرة وكبيرة في النادي، ويتدخل في غير اختصاصه، وعلى المدرب أن يستمع إليه وينفذ تعليماته، وليس ذلك فحسب، بل عليه أن ينتظر قرار الإقالة في أي وقت؛ سواء خسر الفريق مباراة دورية لا تتجاوز ثلاث نقاط أو انتصر!