البدائل المجتمعية للحد من العمالة المنزلية

كثر الحديث أخيرا عن عنف العاملات في بعض المنازل، وتأثرت ثقة كثير من أفراد المجتمع بالعمالة المنزلية لديهم وظهرت حالة من الذعر في عديد من الأسر، خاصة عندما يكون الأبوان مضطران لترك أطفالهما في عهدة الخادمة للعناية بهم خلال أوقات الدوام الرسمية للوالدين. لذا، ارتفعت الأصوات المطالبة بوجوب إجراء فحص نفسي للعمالة المنزلية، كما طالب البعض أن تكون العاملات المنزليات متعلمات أو معترفا بهن من جهة رسمية تثبت قدرتهن على العناية بالأطفال، كما نادى الكثير إلى التفريق بين العاملة والمربية، وألقى بعضهم اللوم على الاتكال الكامل لعدد من الأسر على العاملات في تربية الأطفال والعناية بهم.
تعددت وتباينت الاقتراحات والآراء حول الطرق الكفيلة لحسن اختيار العمالة المنزلية. في المقابل، يتضح للمتابع انعدام أو قلة الاقتراحات التي تبحث سبل الحد من العمالة المنزلية ظنا منهم أنه من الصعب لكثير من الأسر الاستغناء عنهم. كانت غالبية الحلول تأتي ضمن افتراض عدم تغير البيئة المجتمعية في المملكة التي تبنى على استمرار الدخل ومساحات المنازل ويسرة مصادر العمالة المنزلية.
يعاني الكثير من ارتفاع أجور العمالة المنزلية، التي تستمر في التزايد، لأسباب قد لا تكون مبررة من بعض المؤسسات والدول المصدرة للعمالة، ما يضطر البعض لتخصيص ما يزيد على نصف دخلهم الشهري لاستقدام العمالة المنزلية ودفع الرسوم والأجور. يلاحظ المتابع للعروض العقارية توجه كثير من الناس لامتلاك المنازل الصغيرة والبيوت المتلاصقة (دوبلكس) والشقق في البنايات متعددة الأدوار. لذا، قد يكون من الصعب توفير حيز مناسب للخادمة داخل المنزل، نظرا لصغر مساحة المسكن التي قد لا تتجاوز أحيانا 250 مترا مربعا. مع ذلك ما زالت هذه الأسر تستقدم العمالة المنزلية، لحاجتها الملحة وعدم توافر البدائل التي تساعدهم في الاستغناء عنها.
من ناحية أخرى، تطول معاناة بعض الأسر التي لا يستطيع الأبوان فيها الحصول على إجازة تتناسب مع الإجازات المدرسية. وآخرون لا يتمكنون من استقدام عمالة منزلية للاهتمام بالأطفال عند عودتهم من المدارس، ما يجبر بعض الأمهات لترك وظائفهن أو استبعاد كل وظيفة لا تتناسب مع إجازاتها مع الإجازات المدرسية، حتى أصبحت الوظائف التعليمية هي الخيار الأمثل للنساء الراغبات في العمل، نظرا لمناسبة الإجازات وأوقات الدوام.
يتمكن عدد يسير من الأسر الاستفادة من عدد محدود من رياض الأطفال وربات المنازل اللاتي يفتحن أبوابهن لاستقبال الأطفال خارج أوقات الدوام إلى ما يصل إلى العاشرة مساء، التي ربما لا يحكمها ترتيب نظامي معروف. يبحث عن هذه الأماكن الكثير من الأهالي وقد يضطر بعضهم للذهاب لمسافات بعيدة عن منازلهم وأماكن عملهم لتوفير مكان آمن لأطفالهم، خاصة الأمهات اللاتي يعملن في غير مجال التعليم.
لذا، يبدو أن التوسع في هذه الخدمات وتنظيمها على مجال أكبر وتوفير رياض أطفال وأماكن آمنة لرعاية الأطفال بعد انتهاء دوامهم المدرسي، ويستمر عملها حتى في أوقات الإجازة المدرسية، أمر في حاجة للدراسة والتطبيق. حيث تشرف على هذه الأماكن إدارة حكومية تتأكد من تأهيل العاملات فيها وتوفير البيئة المناسبة للأطفال. قد لا يتطلب الأمر الجهد الكبير، حيث تكون هذه الدور أحد المنازل في كل منطقة سكنية أو شقة في كل عمارة، تعمل بها فتيات مؤهلات بالتناوب أو حتى أصحاب المنزل أنفسهم. إضافة إلى ذلك، يقترح توفير رياض أطفال من هذا القبيل في المستشفيات، تعمل على مدار الساعة، تساهم أيضا في الإشراف على أبناء الطبيبات وموظفات المستشفيات أثناء أوقات عملهن النهارية أو المسائية. مثل هذه الأمور تحتاج إلى توعية وترتيب تغيير اجتماعي وتنظيم يحكمها، للإسهام في الحد من الاعتماد على العمالة المنزلية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي