«الشورى» ينتهك الإعلام
بينما الشارع السعودي يترقّب إقرار النقل التلفزيوني المباشر لجلسات مجلس الشورى، كخطوة مهمة ومنتظرة وطبيعية, تعينه على تقييم أداء المجلس في مرحلته التاريخية المقبلة، بعيداً عن مقص الرقيب، كانت المفاجأة أمام وسائل الإعلام أولاً والمراقبين لأداء المجلس ثانياً، بعدما مُنع الصحفيون من تغطية أول جلسة للمجلس في دورته الجديدة. أبى المجلس إلا أن يعود للوراء في علاقته مع الإعلام، حتى لو حاول مسؤولوه تغطية منعهم هذا بتبريرات مستهلكة لا تسمن ولا تغني من جوع.
مع الأسف، إن الانتهاك الخطير لحرية الإعلام هذا لو جاء من أي جهة كانت لوجدنا لها ألف عذر وعذر، وقبلناه على مضض، أما وكان المنع تحت قبة مجلس الشورى، فإن ذلك يعد مؤشراً مقلقاً مما اعتقدنا, خاطئين, أنه الجهة التي ستسعى بقوة من أجل رفع مستوى الحريات الإعلامية، غير أن المبررات التي سيقت لهذا المنع فلا أقل من أنها لا تليق بالمؤسسة ''التشريعية''، فمعالي الدكتور فهد الحماد مساعد رئيس المجلس يقول ''نحتاج إلى تفهم الإعلام.. الآن مجلس الشورى جديد لكون المرأة تدخل بهذا الثقل''، بالطبع لا يسأل أحد ما المقصود من عبارة ''تفهم الإعلام'', ويواصل الدكتور الحماد تبريراته مضيفاً: ''في الأيام المقبلة يمكن أن تكون هناك مراعاة لبعض الجوانب عبر المراجعة الإعلامية''، وأترك لكم حرية التخمين عن سبب هذا المنع الذي تم إقحام المرأة فيه بلا معنى.
سيسمح للصحفيين بتغطية جلسات ''الشورى'' في الجلسة المقبلة أو التي تليها ولن يستمر المنع طويلاً، القضية يا سادة, مع الأسف, أن الصحافة السعودية, وليست العالمية طبعاً, غدت لدى عدد من الجهات الرسمية جداراً قصيراً يتم القفز عليه بكل سهولة. اتركوا عنكم الكلام الاستهلاكي الذي يتحفنا به المسؤولون بأن ''الإعلام شريك''، فالحقيقة التي نلحظها ونشاهدها وتقال في أحاديث ليست للنشر, إن هناك تياراً، ينمو – مع الأسف - يرغب في أن يكون كل عمله خارج رادار الصحافة. ألا يعلم كل هؤلاء أن حق الوصول للمعلومة حق مكتسب للصحافة وليس منّة تمنحها هذه الجهة أو تلك؟!
أما مفاجأة المفاجآت فهي رد فعل أعضاء وعضوات مجلسنا الموقر، فبدلاً من أن يقفوا موقفاً مسؤولاً برفض قرار منع التغطية الإعلامية ويثبتوا أنهم، فعلاً لا قولاً، مؤمنون بدور السلطة الرابعة، كان الصمت المطبق السمة المشتركة لهم جميعاً، ولم يتكرم علينا عضو واحد، واحد فقط لا غير! بموقف يتناسب مع تنافسهم للتصريح للصحف ونشر صورهم الملونة مرة تلو الأخرى.
وبقدر مفاجأتي الصاعقة بقرار منع وسائل الإعلام من تغطية «جلسات الشورى»، كانت هناك مفاجأة صاعقة أخرى, فبينما أنتظر وأترقب وأتأمل بياناً إنشائياً من أربعة أسطر يصدر من هيئة الصحفيين, يرفض فيه تقييد حق الصحفيين من القيام بعملهم تحت قبة المجلس، تيقنت أن انتظاري سيطول ولا ريب, ولن يصدر موقف يساند الإعلاميين ضد مَن انتهك حقوقهم. أتظنون حقاً أن مجلس الشورى كان ليفعلها ويمنع الصحفيين لو علم أن خلفهم هيئة تدافع عن حقوقهم كما هي كل جمعيات وهيئات الصحفيين في جميع دول العالم؟ .. أترك الإجابة لكم.