النساء في المجالس

تقر المادة الثانية من نظام مجلس الشورى بوجوب الاعتصام بحبل الله، والالتزام بمصادر التشريع الإسلامي، وعلى أن يحرص أعضاء المجلس على خدمة المصالح العامة، والحفاظ على وحدة الجماعة وكيان الدولة، ومصالح الأمة. مع وجود بعض الآراء والتعليقات التي انتشرت في وسائل التواصل المختلفة. لا تتنافى هذه الشروط مع كون المرأة عضوًا في المجلس. أكد خادم الحرمين الشريفين في الفقرة الرابعة من الأمر الملكي الخاص بتعديل المادة الثالثة من نظام مجلس الشورى، والمادة الثانية والعشرين من اللائحة الداخلية لمجلس الشورى، على أن تلتزم المرأة العضو بضوابط الشريعة الإسلامية. يبين هذا الأمر، بما لا يدعو مجالاً للشك، أن المرأة السعودية قادرة على المشاركة الفاعلة في مجتمعها والتأثير فيه بما لا يتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
من خلال مراجعتي للسير الذاتية كجزء من مشروع كتاب أُعد له مع خبيرين أجنبيين، تبيّن أن العضوات المعينات من ذوي الكفاءات العالية والخبرات الواسعة والتأهيل الأكاديمي في مجالات متعددة؛ ما يؤكد اهتمام الدولة على تنوع الخبرات والمجالات لضمان تحقيق الهدف المرجو من انضمام المرأة للمجلس.
يؤكد نظام المجلس في مادته الثالثة على أن يكون اختيار الأعضاء من أهل العلم والخبرة والاختصاص. فيتوقع أن الأعضاء، كما نراهم الآن، من أهل الخبرة الذين أنهوا دراساتهم العليا والأطباء وأصحاب الخبرة من الدوائر الحكومية والقطاع الخاص. أعضاء المجلس من المواطنين السعوديين الذين من المتوقع أن يحرصوا على خدمة مجتمعهم والعمل بما ينفع الصالح العام بناءً على خبراتهم العميقة والمختلفة. أما بالنسبة للأفراد الأقل تأهيلاً فتوجد مجالس أخرى تسهم في مناقشة اهتماماتهم أتاحتها الدولة مثل المجالس البلدية التي يمكن للمرأة المساهمة فيها.
نص التعديل الملكي لنظام مجلس الشورى على أن يكون 20 في المائة من الأعضاء من النساء، بعد عقدين من بداية عمل المجلس. علمًا بأن البرلمان البريطاني الذي يعتبر من أعرق البرلمانات في العالم، والذي بدأ منذ القرن الحادي عشر الميلادي، لم تدخل المرأة عضوًا فيه إلا في 1919، أي بعد أكثر من سبعة قرون من بدايته. وتضم التشكيلة الحالية 650 عضوًا وما زالت نسبة النساء فيه أقل من 23 في المائة من نسبة الأعضاء. أما في الولايات المتحدة، فإن أعضاء الكونجرس الذي بدأ عام 1776، ويبلغ عددهم 535 عضوًا، تشكل النساء منهم ما لا يتجاوز 18 في المائة حاليًا، ولم تنضم المرأة إلى الكونجرس الأمريكي حتى عام 1917، حيث بدأ بامرأة واحدة فقط، وكان عدد النساء بين زيادة ونقصان إلى أن وصل الآن لأكبر عدد من النساء الأعضاء في تاريخ الكونجرس.
أما في الدول العربية، مثل الكويت، فلم تتمكن المرأة من الانضمام إلى مجلس الأمة حتى عام 2009، ولم تزد نسبة تمثيلها عن 8 في المائة من تاريخ السماح للمرأة بالترشح لمجلس الأمة. كما يبلغ عدد مقاعد مجلس النواب في الأردن 120 مقعدًا لم تصل نسبة النساء فيه عام 2010 إلى 11 في المائة.
تبين الأرقام السابق ذكرها أن دخول المرأة السعودية بما نسبته 20 في المائة من أعضاء مجلس الشورى يمكن أن يوصف بالدخول الكبير والسريع، مقارنة بدخول المرأة في المجالس التشريعية والتنظيمية في بعض الدول ذات التاريخ العريق في هذه المجالس. وللمرأة السعودية أمل أن تسهم في مجالس أخرى مثل المجلس الاقتصادي الأعلى والمجلس الأعلى للبترول والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والهيئات والمجالس الأخرى في الدولة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي