استثمارات بعيدة عن رجال الأعمال
الجميع يعلم الكفاءة التي يعمل بها القطاع الخاص بشكل عام؛ فهو من عودنا أن يفيد ويستفيد، وذلك لأن القطاع الخاص يسعى لتحقيق الربح من خلال ما يقدمه من خدمات وسلع، فيعتبر من يستفيد من خدماته شخصًا مهمًا جدًا، ورضاه هو الهدف الرئيس الذي يسعى لتحقيقه الجميع بمن فيهم كبار المديرين، فيعتبر العميل هو من يدفع الرواتب وهو من يمنح الأرباح؛ لذلك يحتل تلك المكانة العظيمة، أما في القطاع العام فلا يحتل المستفيد من خدماته تلك المنزلة التي يحتلها في القطاع الخاص؛ لأنه لا يدفع الرواتب ولا يجلب الأرباح، ومن هنا جاءت فكرة الخصخصة التي نجحت في عده نشاطات، من أبرزها الاتصالات التي أصبحت فيها الشركات تتسابق لإرضاء العميل تارة في مستوى الخدمات وتنوعها، وتارة أخرى في خصومات إضافية على الأسعار.
وهناك مجالات لم يدخلها بعد القطاع الخاص، رغم أنها مجالات مهمة وسبقنا من سبقنا للاستثمار فيها، ومنها استثمار الملاعب والأندية، فالملاعب يمكن أن يتم الاستثمار فيها بالساحات الخارجية أوقات المباريات، فيتم إنشاء مطاعم متنقلة تقدم ساندوشات لذيذة لا تجدها في مكان آخر، وتجد عربات تبيع أعلامًا كبيرة ومختلفة الأحجام لا تجدها عند بائعي الأعلام البدائية إذا صح التعبير، وتجد من يبيع صبغات للوجه بألوان الأندية، وهناك من يبيع هدايا بشعارات الأندية مثل أكواب الشرب ومجسمات الزينة، كما يمكن استغلال جدران تلك الساحات كمساحات إعلانية، كما يمكن استغلال الملاعب في غير وقت المباريات لعقد دوريات لغير المحترفين برسوم مدفوعة، بمعنى أن يكون الملعب شركة ويحاول أن يغطي مصروفاته ويحقق أرباحًا، وهذا بالمفهوم العلمي يسمى تحويله من مركز تكلفة إلى مركز ربحية.
وعلى الرغم من أن الأندية بدأت تتجه إلى خلق نشاطات ربحية، إلا أنها لم تصل بعد إلى مستوى تحقق معه أرباحًا حقيقية، وتستطيع من خلال تلك الأنشطة أن تصرف على النادي، ودعني أكون متفائلاً وأقول ولا تحتاج إلى إعانة الدولة، ومن تلك النشاطات التجارية ما قامت به بعض الأندية من افتتاح متاجر رياضية لبيع الملابس والهدايا المطبوع عليها شعار النادي، وهذه بداية جيدة، ودعني هنا أضيف عليها تحسينًا بسيطًا قد يسهم في رفع مستواها ويرفع مستوى المبيعات فيها، وهو أن يتم الاستفادة من كل فانلة من فانلات اللاعبين عن طريق تخصيص الاستثمار بها على مستوى كل فانلة، تخيل وأنت تدخل إلى متجر نادٍ عريق فتجد لكل فانلة زاوية خاصة بها صور جميع اللاعبين المحليين والأجانب الذين ارتدوا تلك الفانلة، وتجد جميع المقاسات منها وتجد هدايا مطبوع عليها الفانلة برقمها المميز، عندها سيكون رقم الفانلة هو أحد بنود التفاوض مع اللاعبين، كما أن تحويل الملاعب إلى مراكز ربحية سيرفع في الغالب نسبة الحضور الجماهيري في الملاعب، حيث ستسعى إدارة الملاعب إلى إيجاد الوسائل التي تجذب الجمهور إلى المباريات بدلاً من أن يشاهدوها في المنزل.
كما علينا أن ندعم تخصص الاقتصاد الرياضي في جامعاتنا المحلية، وأيضًا في حملات الابتعاث للخارج فنحثّ على دراسة هذا التخصص المهم والذي نعاني نقص الكوادر فيه؛ وذلك لكي يلحق بتخصص الطب الرياضي الذي برز بشكل واضح في السنوات الأخيرة.
هذا ما يمكننا قوله في المجال الرياضي، أما في المجالات الأخرى للاستثمارات التي لا تزال بعيدة عن رجال الأعمال، نجد أن السوق الحرة في المطارات خير مثال عليها، فمطار بحجم مطار الملك خالد الدولي لا يوجد به سوق حرة تعتبر متنفسًا حقيقيًا لمن يريد أن ينتظر موعد صعود طائرته، لا أعرف ماذا ننتظر لقد انتشرت المولات في كل مكان لدينا، وأعتقد أنه قد آن الأوان لكي نهتم بالسوق الحرة، فالمطارات ليست فقط مباني واسعة فخمة، وإنما خدمات رائعة تجعل المسافرين يمضون وقتًا رائعًا فيها، ويحبون السفر من خلالها ويقولون لأنفسهم حين لا يجدون الوقت الكافي لشراء الهدايا لذويهم لا توجد مشكلة سأشتري الهدايا من السوق الحرة بالمطار، ويقولون لأنفسهم حين تتأخر رحلتهم ساعة عن موعدها المحدد سأقضي وقتًا إضافيا ممتعًا.