سعـودي متعاقد
بيّنت دراسة للدكتور سعد بن علي الشهراني بعنوان ''التركيبة السكانية وأثرها على الأمن في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية'' والفائزة بجائزة مجلس التعاون لدول الخليج العربية للبحوث الأمنية عام 2011، أن القوى العاملة الأجنبية تشكل في غالبية دول الخليج أكثر من عدد القوى العاملة الوطنية. وتصل في بعض هذه الدول إلى ما يزيد على 90 في المائة من عدد القوى العاملة. كما وتقدر مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية معدل بطالة السعوديين عام 2012 بما يصل إلى 12.1 في المائة. حيث قدرت قوة العمل في المملكة بأكثر من عشرة ملايين فرد، نحو 42 في المائة منهم من السعوديين. قد تثير هذه الأرقام تساؤل البعض عن سبب تزايد شكاوى الباحثين عن العمل منقلة الوظائف أو عدم توافرها في بعض الأماكن، في الوقت الذي يشغل كثير من الأجانب نسبة كبيرة من سوق العمل السعودي.
ما زالت توجد حاجة شديدة إلى توظيف مزيد من العاطلين عن العمل، ولا يمكن إلقاء اللوم على جهة محددة، كما ولا يبدو أن الإجراءات المتخذة من الجهات المعنية المختلفة أدت إلى نتائج كافية. يلاحظ في بعض الهيئات والمؤسسات الحكومية اعتمادها على صياغة أجزاء من عملها على هيئة مشاريع لتبرير إسنادها إلى القطاع الخاص. يشعر المتابع لبعض هذه المشاريع بأنه يغلب على بعضها مهام توظيف قوى عاملة وتقديم خدمات. وبالتالي، يكون دور الشركة إضافة أرباح ربما تكون باهظة على التكلفة الفعلية للقوى العاملة. كما تلجأ بعض هذه الشركات ومؤسسات القطاع الخاص إلى توفير وظائف تحقق الحد الأدنى من المؤهلات وبأقل تكلفة ممكنة. وفي الغالب، يكون نصيب السعوديين من هذه الوظائف قليلاً جدًا أو محدودًا أو معدومًا. قد لا يختلف العاملون في اقتصاد السوق في أحقية هذه الشركات في تعظيم أرباحها، إلا أن ذلك سيسهم في زيادة ''العطالة'' السعودية وفي الحد من توظيف الكفاءات واستثمارها، علمًا بأن المشاريع والخدمات الموفرة حكومية وممولة بالكامل من المال العام.
تجدر الإشارة إلى أن بعض الشركات تقوم بجميع الإجراءات، ربما ابتداء من الإعلان عن الشواغر وحتى التوظيف. ولعله يقتصر دور بعض الشركات الأخرى على إتمام إجراءات التعاقد مع الموظف حسب الشروط التي تراها، حيث تعتمد بعض الجهات الحكومية بالإشراف بنفسها على ترشيح المقابلات الشخصية واختيارها وإجرائها للمتقدمين المؤهلين من السعوديين ولا تكلف هذه الجهات الشركة الخارجية إلا بإجراءات عقد التوظيف. قد يكون من المبررات لإتباع أسلوب التوظيف عن طريق عقود من خلال الشركات، هو عدم توفير الدولة لوظائف معتمدة كافية في ميزانيات المؤسسات التي تقدم الخدمات، ومن غير المستبعد أن تكون هذه الإدارات تفضل التعامل مع مشاريع ممولة عوضًا عن قوى عاملة بوظائف معتمدة.
قامت وزارة الخدمة المدنية بتثبيت أعداد كبيرة من موظفي العقود السعوديين المتعاقد معهم مباشرة مع الجهات الحكومية في السابق. وقد تضطر الدولة إلى تثبيت كثير من موظفي العقود كما حدث خلال السنتين الماضيتين، على الرغم من وجود تساؤلات كثيرة حول شفافية التوظيف وكفاءة الموظفين، وبخاصة المعيّنون بالعقود على نظام الساعات أو بند 105 في السابق. مما قد يثير تساؤل البعض عن سبب لجوء هذه الجهات الحكومية للتوظيف من خلال شركات ودفع مبالغ كبيرة، وتكبدها لاحتمال فقد قوى عاملة مؤهلة من السعوديين، وعدم سعيهم لتثبيتهم.
يصعب أحيانًا على المستفيد من الخدمة التمييز بين موظفي العقود عن غيرهم، لكن من المتوقع أن موظفي العقود غالبًا ما تحكمهم شروط أقسى من شروط الخدمة المدنية، علما بأنهم معرّضون لعدم الاستقرار الوظيفي، وربما للعطالة في أي لحظة.