الشفافية أفضل من نفي المحسوبية
ساءني عنوان خبر في إحدى الصحف السعودية أخيراً، يناقش بعض التجاوزات في تعيين الكادر النسائي الخاص بعضوات مجلس الشورى. نفى المتحدث في الخبر عن وجود محسوبية في التعيين، وأنكر ما تم تداوله عن ضعف مستوى وأهلية الكادر الذي أجرى المقابلات الشخصية الخاصة بالتوظيف. كنت أتمنى ألا تثار أمور تشكك في شفافية أو عدالة مجلس الشورى التي قد تعدّ بحد ذاتها غير مناسبة. حيث إن مجلس الشورى جهة تخدم توجهات خادم الحرمين الشريفين والدولة في الرقابة على المؤسسات والأنظمة، وفي تأصيل النزاهة والإدارة الرشيدة. من المتوقع من مجلس الشورى تجنب كل ما يؤدي إلى التشكيك في جديته ومصداقيته وغلق جميع الأبواب التي يمكن أن تؤدي إلى ذلك باتباعه لإجراءات معلنة واضحة.
لا أحبذ التشكيك في إدارة الموضوع المتعلق بالتوظيف، وخاصة أن المجلس في قرارات سابقة طالب الوزارات بمراجعة الوظائف الشاغرة لديها وإشغالها. لم تتوفر، على حد علمي، إعلانات صريحة وشفافة في وسائل الإعلام تعلن عن توفر وظائف لشغر الكادر النسائي في المجلس، وتتاح لكل السعوديات المؤهلات، ولم يتم الإعلان في موقع مجلس الشورى الإلكتروني عن توفر هذه الوظائف للجادّين في البحث.
ليت الشخص المعنيّ بالإجابة على هذا السؤال استبدل النفي بشرح الإجراءات المتبعة التي توضح كيفية الإعلان عن الشواغر، واستقبال الطلبات، ومقابلة المتقدمات اللاتي تنطبق عليهن الشروط الأولية، واختيار المرشحات وفقاً لمعايير كفاءة وخبرة وتأهيل، واضحة، بطريقة تنافسية قائمة على العدل.
الشفافية، وتحديد المسؤولية، والمحاسبية، والعدالة والمساواة، عناصر أساسية يطلبها القانونيون في أي نظام أو لائحة أو إجراء في أية دولة. ومجلس الشورى هو الجهة الرئيسة التي تراجع وتعدل وتبدي الرأي في القوانين والأنظمة. وبالتالي، إجراءات المجلس الداخلية والخارجية وتعاملها مع المجتمع يجب أن تتسم بهذه القيم. يتطلع الكثير إلى أن يصبح مجلس الشورى نموذجاً في الإدارة الراقية وفي الأداء وفي الانفتاح على المجتمع عبر آليات تتسم بالشفافية ولا تحتمل التشكيك من أي شخص.
قد يرى بعض القانونيين أن الجهات المنظمة والمُصدِرة للقوانين واللوائح التنظيمية يجب أن تكون أكثر التزاماً وانضباطاً بكل الإجراءات التي تتبعها الإدارة الجيدة، مقارنة بالجهات المطبقة للأنظمة. يتقبل الإنسان في حياته اليومية، وإن كان على مضض، سوءَ تطبيق النظام من بعض الأفراد في بعض الأحيان في بعض المجتمعات، الناتج عن الخطأ أو الإهمال أو سوء التصرف. لكن قد يكون أقل تقبلاً من أن يكون الإجراء نفسه لا يتسم بمقومات الشفافية والمسؤولية.
تعوّدنا في الأنظمة السابقة في المملكة التزامها بالعدالة والمساواة في كل الأنظمة واللوائح والإجراءات. وهي أمور يفرضها الدين الحنيف ويؤكدها النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى، والتي نأمل أن تدوم برعاية وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله.