المدن السعودية - الدولية للصناعات الحديثة

لم يكن ذلك اليوم يوما عاديا حينما افتتح وزير التجارة أول مصنع للسيارات في السعودية. ولعلنا نستذكر مع شركائنا اليابانيين تجربتهم حينما أطلق الياباني تاكيو ساهيرا شرارة الثورة الصناعية اليابانية بمساعدة شركائهم الألمان. لم يقبل يومها ساهيرا بالتكريم من إمبراطور اليابان حتى أتم صناعة عشر محركات بالكامل مصنوعة بجميع أجزائها في اليابان. لماذا لا نعيد التجربة بشكل أفضل، بحيث نؤسس لمدن صناعية بالتعاون مع شركائنا الدوليين حسب علاقاتنا الاقتصادية الاستراتيجية مع هذه البلدان؟ تربطنا ببعض الدول المتقدمة علاقات تبادل تجاري في مجالات محددة حسب الميزة التنافسية لكل دولة. ليس بالضرورة أن نركز جهودنا على ردم الهوة العلمية والتقنية بيننا وبين هذه الدول، لكن استغلال ما لدينا من نقاط قوة كحجم الاقتصاد الأضخم في الشرق الأوسط ومجتمع فتي وموارد كبيرة مع وجود سوق استهلاكية لما تنتجه هذه المصانع، هذا وغيره سيساعدنا على التفاوض بقوة على إنشاء مدن صناعية بشراكة دولية تعود بفوائد لا حصر لها لاقتصاد المملكة وشعبها. على سبيل المثال لا الحصر، إنشاء المدينة السعودية- اليابانية لصناعة السيارات؛ المدينة السعودية- الكورية للإلكترونيات؛ المدينة السعودية - الألمانية للصناعات الثقيلة، والباكستانية للصناعات العسكرية؛ والصينية للصناعات الخفيفة.. وهكذا. وهذه المدن لن تقتصر على التجميع فقط، لكن صناعة جميع الأجزاء المكونة لكل منتج. هذا يعني تأسيس عشرات المصانع في كل مدينة مع مئات المشاريع المساندة وتوظيف مئات الآلاف من الشباب في مهن تناسبهم. لك أن تتخيل حجم الفوائد الجمة التي ستعود على الوطن والمواطن من نقل للمعرفة والاكتفاء الذاتي وتوظيف الشباب وتدريبهم على التقنيات الحديثة التي ستكون ممهدة للابتكارات والاختراعات، كما حدث مع الدول الآسيوية، خاصة ونحن نستقبل طلائع خريجي برنامج الابتعاث فنحسن استغلال معارفهم ومهاراتهم أحسن استغلال.
وهذا بالضبط ما حدث في تجربة اليابان مع مبتعثيها في ألمانيا. ومن ضمن الفوائد المرجوة استثمار مبالغ العقود الضخمة التي يمنحها القطاعان العام والخاص للشركات الأجنبية. كما سنكون بهذه الخطوة - إن شاء الله - سباقين لتصبح المملكة مركز الصناعات الحديثة في الشرق الأوسط وأول دولة في الاستغناء عن النفط كمصدر وحيد للدخل القومي. هذه المبادرة تحتاج بلا شك إلى تخطيط ودقة في التنفيذ كي تصبح مدنا ناجحة ومجدية. حينما أحضر ساهيرا المحركات العشرة إلى إمبراطور اليابان وسمع صوتها، قال: ''هذه أجمل موسيقى سمعتها في حياتي''، لكننا سنقول إنها أجمل مع عزف السلام الوطني تحية لرجال أنجزوا صناعة سعودية 100 في المائة.
والله الموفق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي