ريكارد.. لا تلتفت لهم

''أنا مدرب محترف ولا أخشى الإقالة''.. ست كلمات من ريكارد مدرب المنتخب السعودي تلخِّص واقع نقدنا الرياضي، وتؤكد بالفعل أن لدينا أزمة نقد غير موضوعية أصبحت تتحكم بشكل كبير في صانع القرار الذي بدا من دون أن يشعر مسايراً لنقد كهذا في مرات كثيرة، والضحية - مع الأسف - مستقبل كرتنا الذي بات يكتنفه الغموض والضبابية حتى ونحن نعيش واقع الجمعية العمومية الحلم طوال العقود الماضية.
أما لماذا وصفتها بأنها أزمة نقد غير موضوعية؟ فلأننا بالطبع لا نستفيد من تجاربنا السابقة في دورات الخليج الماضية التي أقلنا فيها مشاهير المدربين لمجرد خسارة عابرة لا تقدِّم ولا تؤخر، ولا تعبِّر كذلك عن واقع كرتنا حتى وهي تزخر بالنجوم والأساطير سابقاً، ولأننا أيضاً لم نستوعب بعد واقع كرة القدم السعودية التي تمر بدورة تراجع على جميع المستويات، وكان يجب أن نؤمن بذلك، ونقف معها لحظة بلحظة حتى تعود بحلة جديدة.
لا يمكن أن أقف في وجه النقد، وليست من عادة النقاد التطبيل، وبالتأكيد لن أكون وصياً على هؤلاء ما داموا ينتقدون وهدفهم البحث عن الأخطاء ومعالجتها وطرح الحلول لها، وإيصال رسالتهم النقدية بصورة مقنعة، فهذا هو المطلوب في ماضي الأيام فكيف ونحن في عصر يتسم بالشفافية والصراحة والمكاشفة العلنية، وفي زمن باتت الرياضة فيه بإعلامها وجمعيتها وانتخاباتها هي القائد والمحرِّك والقدوة لقطاعات مختلفة ومحل الإعجاب والتقدير، وبناء على ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننقض هذا كله بنقد كهذا تعقبه ردود أفعال غير محسوبة، وليست في مصلحة كرتنا!
لكن وبما أن هناك من ارتضى أن يركب موجة هذا النقد العشوائي دون إدراك لماضي كرة القدم السعودية أو فهم لواقعها فإنه من المعيب جداً أن نجبر مدرباً محترفاً له اسمه وثقله في الساحة الدولية على أن يُساير هؤلاء ويتولى الرد عليهم بكلمات من هذا القبيل، ناهيك عن أن يحدِّث نفسه ولو بمجرد الحديث عن الاستقالة أو الإقالة، بناء على افتراضات مستقبلية لم تحدث بعد، ومن نقاد أصبحوا يمارسون نقدهم لا لشيء يثري واقع كرتنا وإنما ليقطعوا بهذه التنبؤات المستقبلية حبل التفاؤل الذي نحتاج إليه في هذا الوقت بالتحديد، وتمهيداً لأن يتقلد أحدهم مرتبة ناقد مثير وكفى.. وهذا هو المهم في نظرهم!.
هذا التشويش والإرباك لم يعد مقتصراً على هؤلاء النقاد فحسب، بل إن إدارة المنتخب السعودي هي الأخرى مسؤولة عن مسايرتهم وتزيين بطولة الخليج الودية في نظر ريكارد الذي لا أملك إلا أن أقول له في خضم هذا الخروج عن النص: اعمل ما تراه مناسباً فأنت مدرب محترف، أما الإداريون المجمِّلون فقد كفتناهم الخصخصة التي ستعمل على الحد من تضخمهم بتوفير كفاءات إدارية قادرة على إدارة الأندية والمنتخب وفق توجهات الأمير عبد الله بن مساعد رئيس فريق التخصيص.. وإن غدا لناظره لقريب!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي