استفيدوا من ميسي

العنوان أعلاه.. على طريقة المجاز في البلاغة، وعندما يُذكر هذا الفن الرفيع فإن اسم ميسي سيقفز عالياً، لأنه أبلغ درجات الإمتاع والإبهار في عالم كرة القدم، والمقصود من العنوان بالتأكيد مواجهة المنتخبين الأرجنتيني والأخضر السعودي اليوم في درة الملاعب، فميسي هو جزء من منتحب التانجو، ووجود هذا الرمز الكروي الحيوي على رأس قائمة منتخب بلاده خطوة ذكية، وتحريك لمنظومتنا الكروية النائمة في العسل، ودق جرس التنافس بين الشركات، وفتح آفاق الاستثمار في كرة القدم السعودية.
طوال عقود مضت كانت مواجهاتنا الودية مع منتخبات ''أبو ريالين'' التي لا وجود لها في خريطة كرة القدم، وأسهمت نتائجها البراقة في تضليل القائمين على المنتخب، وتقديم صورة مخادعة للشارع الرياضي الذي لم يعد يكتشف آثارها الكارثية من الناحيتين الفنية والنفسية إلا عندما تحين ساعة اللقاءات الرسمية، ولعل ثمانية ألمانيا وخمسة اليابان مثالان واقعيان من أمثلة كثيرة لا تزال ذكراها السيئة عالقة بأذهان محبي الأخضر.
الآن.. يبدو أن الوضع مختلف عن السابق، فالمواجهات أصبحت منظمة، وفي أيام ''فيفا''، وأمام منتخبات من العيار الثقيل، وهذا ما نريده بالتأكيد، ومن المستحيل أن نطالب المنتخب بالفوز على بطل العالم، أو مجاراة ميسي ورفاقه، لكننا ننتظر أعلى درجات الاستفادة الفنية والتهيئة النفسية، بتطبيق التكتيك المناسب، وتحقيق الانسجام العناصري بين لاعبي المنتخب، والأهم التخلص من رهبة هذه اللقاءات القوية والتعامل معها باحترافية، بعد أن أصبحت محرجة لمنتخبنا وكابوساً لأنديتنا في البطولات القارية في الآونة الأخيرة.
مكتسبات هذه المواجهة القوية لا تقتصر على هذه الأمور الفنية والنفسية فحسب، بل إنها انفتاح على جانب استثماري مهم ظل مُغيَّباً عقوداً طويلة باستثناء بعض مباريات الاعتزال التي تقام بين فترة وأخرى، والمكتسب الأجمل عندما تكسر هذه المباراة إحجام القطاع الخاص عن الاستثمار في المجال الرياضي، بعد أن أصبحت مقتصرة على تجربة شركات الاتصالات المحدودة في بعض الأندية، وذلك بدخول قطاع البنوك في هذا الوقت المهم والحساس لكرتنا لرعاية مثل هذه المباريات التاريخية، واستثمار الهالة الإعلامية وتغطية وسائل الإعلام العالمية اللقاء.
في تصوري أمام مديري الاستثمار في الأندية قبل المنتخب فرص استثمارية كثيرة للاستفادة من هذا اللقاء مستقبلاً، وتحريك جمود هذه الإدارات الصورية التي لا تقدم أي مداخيل تستفيد منها هذه الأندية ''المديونة''، ولعل تجربة أندية شرق آسيا والفرق الإفريقية التي تستضيف ريال مدريد وبرشلونة وغيرها من الأندية العالمية الأخرى قبل انطلاق دورياتها سنوياً تعد تجربة رابحة ومضمونة مقدماً، ومصدر دخل إضافي، ويمكن أن تكون بذرة لأفكار ترويجية أخرى، ودفعة قوية لمشروع خصخصة كرتنا الذي نسمع به ولا نرى مقترحات عملية تسهم في إنقاذ الأندية من أزماتها المالية.
أعود لهذا اللقاء التاريخي المهم لأطالب محبي الأخضر وميسي ورفاقه بأن يملأوا مدرجات ستاد الملك فهد الدولي، وألا يكترثوا بمن يهوّل من غلاء التذاكر، فميسي ورفاقه وبعيداً عن النواحي المالية وفشل الاستقبال يستحقون أعلى معدل حضور جماهيري وترحيباً حضارياً، فهم متعة فنية كروية وليسوا مجرد استثمار!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي