الأهلي .. البناء يعزِّز المنافسة

يغنِّي بعض رؤساء الأندية على موال مرحلة البناء ووعود المنافسة سنوات طويلة، بغرض إيهام الجماهير وتضليلها بأن هناك خطة زمنية تتصاعد كلاميا عاماً بعد آخر في انتظار لقب الأفضل والأروع والأقوى، ليس على الصعيد المحلي فحسب، بل إن المشكلة تتأزم عندما تكون الخطى وثابة نحو التربع على عرش آسيا.. كل ذلك يحدث على الرغم من أننا نعيش في مرحلة الاحتراف التي من المفترض على مسؤولي الأندية أن يستوعبوا ما تتطلبه من سقف مواصفات واشتراطات عالية، للبقاء في دائرة المنافسة، واعتلاء منصات التتويج، وبعيداً عن تسويق وهم المغالطات، وتمرير متلازمة الفشل.
وحده "أهلي آسيا" فقط، الذي كان قادراً على أن يُحرج أمثال هؤلاء المسوِّقين، وتعريتهم أمام الملأ، وكسر أوهامهم وأحلامهم المستحيلة في المستطيل الأخضر عبر تغيير مفهوم المنافسة واختصار سنوات التطلعات نحو التتويج، وتخفيف ولو جزء من تعاسة كرتنا المعلولة، وتقديم منتج "الأهلي الراقي"، الذي بات يتسم بالتكامل والتناغم بين الأجهزة الفنية والإدارية والشرفية، ويستوعب مرارة السنوات العجاف الطويلة التي مر بها، وتسببت في تأخير زمن الأهلي الجميل.
لقد رسم "الخالدان" في الأهلي استراتيجية خضراء طموحة وفائقة الجودة، ومن الصعوبة أن أتحدث عنها بالتفصيل في هذه المساحة، فهي لم تنشأ مصادفة، وليست نتاج عمل يسير، ولم تكن تركّز على عنصر كروي دون آخر، ولا أعتقد أنها نتيجة أعمال فردية.. إنها باختصار منظومة مؤسسة خالدة استطاعت - بفضل منهجيتها واختياراتها المحلية والأجنبية الموفقة والثقيلة، وأكاديميتها، واستقرارها الشرفي والفني والإداري والعناصري ــــ أن تعيد الأهلي إلى أجواء المنافسة على جميع البطولات، وأن تجعل منه الرقم الثابت للعام الثالث على التوالي، دون أن تشعر بغياب أي عنصر في الملعب حتى لو كان بحجم البرازيلي كماتشو المنتقل حديثاً للشباب، أو السفاح فيكتور، أو القائد مسعد، فزملاؤهم الشباب بصاص والفهمي وباخشوين هم نتاج الفكر الأهلاوي الرائد الذي يعمل ضمن مجموعة لا تعتمد على لاعب بعينه، مهما كان مستواه وحجم نجوميته.
إزاء هذا النموذج الفاخر الذي لم أبالغ في إعطائه ما يستحقه فعلاً، يأتي السؤال المهم ليطرح نفسه في هذا الوقت بالتحديد الذي تعاني فيه كرتنا: لماذا لا نملك أكثر من "أهلي"؟
أطرح هذا السؤال بعيداً عن نتيجة الأهلي في نهائي كأس آسيا، فما قدمه خلال ثلاثة مواسم كفيل بالإجابة لمن أراد المنافسة الحقيقية، أما الواهمون والعشوائيون والمخادعون فلن ننتظر منهم أبداً إجابة عن هذا السؤال!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي