إيرانيون في الخفجي
عندما تقبض السلطات السعودية على 14 إيرانياً وصلوا بغتة إلى سواحل مدينة الخفجي، فلا يمكن لأي مراقب أن يصدق مزاعم بأنهم ضلوا طريقهم للكويت واتجهوا خطأً إلى السعودية. لا أتحدث عن التوقيت الحرج وقبيل موسم الحج ولا عن العدد ولا عن الطريقة التي تسللوا بها، أتحدث عن رواية لا يقبلها العقل ولا المنطق، ومما زاد غموض الرواية الخيالية، تصريح السفير الإيراني في الرياض الذي سطّح القضية، كعادة المسؤولين الإيرانيين في حفظ خط الرجعة، معتبراً أن المتسللين ''صيادو أسماك'' وأنه ''من الطبيعي أن يحدث خطأ في الدخول إلى المياه الإقليمية من قبل الطرف الآخر''، بحسب ما نقلته الشقيقة ''الشرق الأوسط'' أمس، وفات على السفير أن من قبض عليهم لم يكونوا صيادين في عرض البحر، بل كانوا يتنزهون على البر السعودي، إلا إذا كان صيد الأسماك، وفقاً للطريقة الإيرانية، يتم في البر!
فعلاً.. ليس جديدا أن يدخل صيادو الأسماك هذه المياه الإقليمية أو تلك، فهذا أمر وارد وليس للمراقب إلا الأخذ بحسن النوايا. من السهل تبرير الوصول للأراضي السعودية بأنه خطأ، هذا بافتراض أن التسلل للكويت هو أمر قانوني، وبافتراض أن أجهزة تحديد المواقع الملاحية التي لا يخلو منها قارب صيد متواضع أصابها البلل فجأة، سنصدق كل هذا إلى حين، ولكن من يضمن أن غير هؤلاء لم ينجحوا في دخول الأراضي السعودية؟ خاصة إذا علمنا أن مواطناً قام بدوره كرجل أمن أول، وساهم مساهمة رئيسية في القبض على بقية (المتسللين)، فماذا عن سواحل البلاد الممتدة 500 كيلو متر على الخليج العربي من أبوظبي جنوباً إلى الخفجي شمالاً؟ هل علينا انتظار تسلل إيرانيين آخرين مرة بعد مرة بعد مرة للبر السعودي لنكتشف متأخرين أنهم لا متسللين ولا يحزنون؟
سأعكس المشهد وأتخيل أن 14 سعودياً ضلوا طريقهم وقبضت عليهم السلطات الإيرانية على أراضيها وزعموا أنهم دخلوا بـ ''الخطأ''، فهل ستغفر لهم السلطات الإيرانية زلتهم وستتعامل معهم بـ ''النوايا الطيبة''؟ أترك لكم تحليل باقي المشهد، نعم في حالة وحيدة ستتعاطى طهران بنوايا حسنة، عندما يكون هؤلاء المتسللون أعضاء في تنظيم ''القاعدة''. ألا تستضيف إيران أعضاء ''قاعديين'' بارزين، أبرزهم محسن الفضلي وعادل الحربي، لا داعي للتأكيد هنا أن طهران مستعدة للتعاون مع الشيطان الأكبر، طالما أن في ذلك تلاقي مصالحها ضد خصومها، ولم أقل أعداءها، وإلا ما الذي يجعل النظام الإيراني الذي يسوّق نفسه محامياً للطائفة الشيعية، بحماية أبرز عناصر تنظيم ''القاعدة'' الذي يكفر الشيعة على العموم؟ ما الذي لمَّ الشامي على المغربي؟ وأعني السني المتطرف على الشيعي المتطرف، لا جدال أنه حلم تصدير الثورة الذي تتبجح به طهران ليلاً ونهاراً وتجد في ألد أعدائها من ''القاعديين'' منفذاً لتنفيذ مآربها. لكل ما سبق، ما يمنع إيران من إرسال عناصرها للسعودية؟!