زراعة القمح لا تستهلك المياه كالأعلاف
كشف مهندس زراعي عن خطأ وقع فيه وزير المياه باعتبار القمح مستهلكا أول للمياه في السعودية والأعلاف ثانيا، في هجمة شرسة شنت على زراعة القمح وتعليق الجفاف على زراعة القمح، وهو ما حرك السعودية لوضع خطط للتقليل من زراعة القمح ووقفه نهائيا بحلول عام 2016 بعد نحو خمس سنوات.
وقال المهندس عبد المحسن بن فهد المزيني المتخصص في القطاع الزراعي ورئيس اللجنة الزراعية في غرفة القصيم سابقا، أن القمح لا يعد مستهلكا للمياه كالأعلاف، إذ إن هناك فرقا كبيرا حيث يستهلك القمح ستة آلاف متر مكعب للهكتار، بينما يصل استهلاك الأعلاف إلى 24 ألف متر مكعب للهكتار في فروق واضحة للعيان، وهي أرقام معروفة وبديهية للمتخصصين في الزراعة حتى في حالة زراعة مساحات أكبر من محصول القمح، لأن زراعة هكتار واحد من البرسيم تعادل زراعة أربعة هكتارات من القمح.
وقال المزيني: "يكفي أن نعرف أن القمح يزرع خلال أربعة أشهر في السنة وخلال موسم المطر، بينما الأعلاف تزرع طوال السنة، وهذا دليل كاف عن استهلاك الأعلاف".
وأضاف المزيني أنه حينما تمت محاربة زراعة القمح في السعودية عن طريق عدم شرائه بسعر عادل كالأسعار العالمية أو التي يتم تأمين القمح من مصادر عالمية في الوقت الراهن كان خيار المزارعين الوحيد هو زراعة الأعلاف.
وبين أنه من الطبيعي إيجاد مصدر دخل للمزارعين في ظل وجود أراض يمتلكونها، وكذلك معدات زراعية بملايين الريالات وقروض تحملها البعض في سبيل الزراعة، وقال: كانت هناك حلول جيدة للسيطرة على المزارعين وضمان زراعة حاجة المملكة من القمح داخليا قدمت ولا تزال تقدم لجهات عليا، وأشار إلى دراسة أسندت إلى جامعة الملك فهد حول القمح بعد أن تحولت المملكة من منتج لمستورد بعد 30 عاما اكتفاء، مؤكدا عدم وجود دراسة واقعية للمياه في المملكة.
وألمح المزيني إلى أنه لن تستطيع وزارة المياه وقف زراعة الأعلاف، إلا بإيجاد بديل ولن تتوقف الزراعة دون حلول، وحينما أوقف القمح كان البديل الأعلاف
واستغرب عدم قدرة وزير المياه أو اللجنة التي شكلت لصياغة قرار وقف زراعة القمح على التنبؤ بأن استنزاف المياه سيكون أكبر خلال فترة تطبيق القرار نظرا لتوجه المزارعين لزراعة الأعلاف، وهذا ما حدث وهو أمر متوقع أوضحه المتخصصون في حينه دون استجابة من الجهات المسؤولة.
وتابع حديثه: "لذلك فإن ما تم استنزافه خلال السنوات القليلة الماضية ربما يتجاوز ما يستنزفه محصول القمح لو استمرت زراعته لعشر سنوات أخرى، ما يعني فشلا ذريعا في صياغة وتطبيق الاستراتيجية".
من جهة أخرى، أوضح متعاملون في سوق الأعلاف أمس عن ارتفاع مفاجئ في سوق الأعلاف بعد تصريحات وزير المياه بوقف زراعة الأعلاف في السعودية صباح أمس، حيث وصلت بالة البرسيم إلى 18 ريالا في سوق الأعلاف.
وقال مساعد المحسن إن هناك طلبا عاليا على البرسيم في الوقت الحالي لتوفير أضاحي هذا العام في مواقع مختلفة خصوصا مع ارتفاع أسعار المستورد، وأضاف أن تجار الأعلاف تناقلوا تصريحات وزير المياه وهناك إحجام عن البيع أدى إلى رفع السعر.
وبين المحسن أنه لا يمكن وقف زراعة الأعلاف وهناك ثروة حيوانية في المملكة تحتاج إلى تغذية، فيجب إيقاف الثروة الحيوانية في حال الرغبة بإيقاف زراعة الأعلاف، وتوقع أن يصاحب هذا ارتفاع في أسعار الأضاحي ليصل إلى حدود ألفي ريال للأضحية، في ارتفاعات لم تشهدها اللحوم الحمراء في السعودية من قبل.
من جانبه أشار سلطان الثنيان نائب رئيس اللجنة الوطنية الزراعية إلى أن تصريحات الوزير حول الأعلاف لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع إذا أخذ في الاعتبار أن السوق مفتوحة في الأعلاف، وهي منفذ وحيد بعد وقف زراعة القمح.
وقال الثنيان إن السيطرة على زراعة القمح كانت سهلة لأن الدولة هي المشتري الوحيد للإنتاج، بينما الأعلاف تختلف، حيث يعمد المربون لزراعة الأعلاف لمشاريعهم الخاصة والبعض يتم تسويقه في السوق بالطرق التقليدية.
وأوضح أن الشركات المساهمة الزراعية الكبيرة تزرع بشكل كبير وهو مصدر أرباح بعض الشركات بعد تدني جدوى زراعة القمح.
وتزرع بعض الشركات الذرة الصفراء وبعض الأعلاف الأخرى، وهي بلا شك أعلى استهلاكا للمياه من القمح، ويتم حساب ذلك الأرقام وليست مجرد تكهنات، وأضاف الثنيان أنه لا يوجد دراسات واضحة في هذا المجال والقطاع الزراعي أكبر المتضررين، وهناك قرارات تضر بالمزارعين وتحولهم للبطالة وتحولهم من منتجين لعالة وباحثين عن عمل.
من جهته برأ الباحث الفلكي الدكتور خالد الزعاق عضو اتحاد الفضاء العربي الزراعة من تهمة نضوب المياه وشحها، وربط شح المياه بالدورة الشمسية.
واستدل الزعاق على ذلك بإصابة نجد عام 1327هـ بجفاف كبير، حيث جفت الآبار والقلبان وأصيب الناس بمجاعة وتسمى لدى العامة بسنة الجوع، وهذه قبل أن تعرف الجزيرة العربية الزراعة بشكلها الحالي
وقال الزعاق: "وقفت على آبار جفت في شقراء وأشيقر وكنت أعتقد أنها جفت قريبا بعد الثورة الزراعية وحدثني ملاك هذه المواقع أنها أصيبت بالجفاف قبل نحو 60 عاما قبل بداية ثورة الزراعة".
وبين الزعاق أن المياه الجوفية التي تمر بالجزيرة العربية مستوردة ومتحركة طبقا لعوامل ومتغيرات كونية لها ارتباط بالدورة الشمسية، فهي أودية تجف وتجري، كما هي على اليابسة دون ارتباط بينهما.
وقال الزعاق إن الدورة الشمسية انتهت عام 1395هـ، "وبدأت دورة جديدة نحن نعيش في قمتها حيث تستمر الدورة الشمسية الواحدة 70عاما تتشابه فيها الأحداث وتدور دورات كونية متشابهة وهناك شواهد من الدورة السابقة تتكرر فيها بعض الأحداث".
وأضاف أنه في الدورة السابقة "أصبنا بأمطار غزيرة وانتابتنا سنوات ممطرة وهي مسجلة وقد عادت هذه السنوات".
وكذلك الحال في السنوات الغبارية في الدورة الشمسية الماضية بحسب الزعاق، حيث أهلك الناس غبار عام 1361هـ وعادت هذه السنة خلال 1426هـ.
وكذلك هيجان بحر العرب في عام 1318هـ وعام 1343هـ حيث غرقت مراكب كثيرة في بحر العرب قبالة سواحل عمان، وقد تكرر ذلك عام 1427هـ وهناك أحداث كثيرة جدا متشابهة، وتتكرر حدوثها كما في جفاف المياه في سنوات يعرفها بعض كبار السن، فهي دورات كونية لا دخل للزراعة أو لما يحدثه الإنسان على ظهر الأرض أو في باطنها، بل هي دورة شمسية تقل المياه في بعض سنواتها وتفيض المياه في سنوات أخرى.
وقال الزعاق: "كما أن هناك جفافا في الأنهار في بعض الدول أو قلة في المياه، ويحدث في جوانب أخرى فيضانات للأنهار، فيحدث أيضا في الأودية والأنهار الجوفية".