الغلاء بيت الداء .. والدواجن إحدى ضحاياه

أضرم مغردون على ساحة التواصل الاجتماعي (تويتر) النيران عبر تغريدات وهاشتاقات متعددة، طالبت الشارع السعودي بكل فئاته وطوائفه بمقاطعة شركات الدواجن ابتداء من يوم السبت الماضي، ومنها من طالب بمقاطعة الدواجن ككل إمعانا في المقاطعة، فيما طالبت أصوات أقل حدة خلال اليومين الماضيين بالعودة إلى تربية الدواجن في كل منزل لتحقيق الاكتفاء الذاتي من جهة وإبراء الذمة من بقايا الأطعمة التي يمكن أن تستخدم كعلف للدجاج، الذي عرف عنه بأنه لا يرفض أي شيء يقدم له.
ونقل بعض الخبراء عن السوق أن ربط غلاء أسعار الدواجن بارتفاع أسعار الأعلاف عمل غير مبرر ألبتة في ظل الدعم الحكومي للأعلاف، الذي يصل إلى 350 مليون ريال سنويا، فيما تساءل البعض الآخر بسخرية عن أسباب ارتفاع سعر الدجاج المستورد من فرنسا والبرازيل التي تصدر الأعلاف لغيرها كما هو معلوم؟!
وفيما حمل مغردون ضمن حملة (خلوها تعفن) وزارة التجارة نصيب الأسد في التقاعس عن القيام بدورها الرقابي والسماح للتجار باستغلال المواطنين البسطاء نظرا لحاجتهم الماسة إلى الدواجن في ظل غلاء أسعار اللحوم الحمراء والأسماك، أعلن البعض الآخر أن ما يحدث مجرد مؤامرة مفتعلة من ''اللوبي'' التجاري.
وفي نهاية المطاف ورغم الخلاف حول المسببات فقد اتفق الجميع على ضرورة مقاطعة شركات الدواجن ضمن خطوات جادة في سلم تحقيق الرفاهية للمواطنين عبر الارتقاء بثقافة المستهلك وتعريفه بما يمتلكه من قوة شرائية يستطيع أن يجندها لحسابه في حال استخدمها بذكاء، مؤكدين أن اجتماع الكلمة وتوحدها قادر على إيقاف جشع التجار مع الاستدلال بالمقاطعة الوطنية التي تداعى لها الجميع عند زيادة أسعار الألبان، ما أجبر الشركات على إعادة أسعارها كما كانت قبل الغلاء، بل التنافس في خفضها أكثر وتقديم خدمات مجانية أخرى.
ومع تصاعد حدة القضية التي تعد الأكثر شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي وساحات النقاش خشية الوصول إلى ما تنبأ به فنانو مسرحية (على هامان يا فرعون) قبل نحو 30 عاما، حيث تجاوز سعر الدجاجة الواحدة سعر 100 ناقة، وبناء على ذلك فإن أكل الدجاج سيصبح حكرا على ''النخبة '' رغم وجوده كعنصر أساسي ونكهة مميزة ضمن الكثير من الأطباق الحديثة والوصفات الشهية، وحذر أحد المغردين من عدم الحراك الإيجابي للشارع السعودي، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدي إلى بيع أطباق البيض في سوق الذهب مرفقا ذلك بصورة لا أعلم مدى جديتها في عصر الفوتوشوب وخداعه البصري.
لا أدري لم تذكرت حينها (مريم نور) حين دعت إلى تربية ''معزة '' في كل بيت مع زراعة أعلافها وتحقيق الكفاية من ألبانها وأجبانها ولحومها محذرة من المضار السلبية لكل ما يباع في الأسواق مما نجهل مكوناته وطرق تصنيعه.
ورغم أن الفكرة قد تثير اشمئزاز الكثيرين إلا أن زيارة واحدة لبعض قرى المملكة ورؤية حجم البساطة التي يعيشونها، معتمدين على أغنامهم وألبانها ومنتجاتها من الجبن والسمن، وعلى الفواكه والخضراوات التي تزرع في بساتينهم، وخبز التنور الذي يخبز من الدقيق البر ويؤكل في حينه دون اللجوء إلى البرادات، ما كان له أثر واضح في صحتهم، فيعمر أكثرهم إلى ما بعد المائة وهو بكامل عافيته، قد تجعل البعض يعيدون حساباتهم، ولا سيما من يسكنون في المنازل والحدائق الكبيرة دون استغلالها بما يعود عليهم وعلى أبنائهم بالنفع.
ولعل الاكتفاء الذاتي والحراك الشعبي الإيجابي يثمر لنا كما أثمر للأرجنتين حين قاطع شعبها البيض فاعتذر أصحاب الشركات للشعب ودعاه لوقف المقاطعة بعد خفض السعر إلى النصف في خطوة شعبية جريئة ينبغي الاقتداء بها عملا بالأثر المذكور عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- حينما اشتكى إليه رجال من غلاء سعر اللحم فقال: أرخصوه أنتم'' وفسرها بقوله ''اتركوه لهم''،
وفي النهاية هي فكرة تستحق الطرح والمناقشة على مستوى العائلة، وحتى لا ينتهي بنا المطاف لمخاطبة الدجاج كما خاطبه البعض على تويتر متأسفين:

قل للدجاج تخطفته يد الغلاء
من للهلاك يا دجاج رماك؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي