فكرة الوطن

لا وطن يعدل وطنك، ولا مكان يحتويك إن خسرت وطنك، ولا مذهب، إن لم يظلك على أرض وطنك في أفيائه، ولا وجود ماديا لك بدون أرضك التي نبت منها، التي دفنت فيها جذورك من أجدادك ورموز عزتك ودينك وكرامتك، بل الوطن مزرعتك قيمك الأساسية لأبنائك الذين لن يحمي لهم قيمك وموروثاتك غير استزراعها في أرضك.
اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية مناسبة لكل مواطن ليقول: إنه يحمل هوية وطن عظيم بين أوطان الأرض، وإنه يحتفل، ويفاخر بوجوده، وكيانه الإنساني، سواء أكان رجلا أم امرأة، وإنه يعبر عن حبه وتقديره لهذا الوطن المتوحد الذي أعطاه كرامته ومعنوياته وعزته، وإنه يفاخر بما أنجزه كمواطن في حياته، وفي حياة أبنائه لوطنه.
فكرة الوطن أنه تجاوز للذات، والتفرد، والقبيلة، والفئة، والمذهب، فهو الاندماج مع آخرين لديهم نفس الهاجس في التوحد في وطن واحد، والدفاع عن مقدراته، وحماية حدوده والعمل لرفعته وازدهاره، واحترام تاريخه ورموزه.
هذا لا يعني ألا أكون فردا في قبيلة، أو منتميا لمذهب، فلا بأس أن أكون منتميا لقبيلة ولمذهب، وإقليم، ولا بأس أن أكون فردانيا لا صلات لي، ولا ارتباط، لكن رابط الوطن رابط أساسي في الغريزة والانتماء، له أساس تأكيد وجود الفرد الذي لا يغني عنه انتماء آخر لقبيلة أو فئة أو مذهب، أو إقليم.
من المهم أن نعرف أنه لا وطن في الدنيا يحتوينا ويعطينا الحق بأرضه والانتماء إليه غير وطننا، وأن رفعته وعزته وعلوه رفعة لنا وعزة وكرامة لنا بين البشر.
ما قلته سابقا ينطبق على أي وطن مجرد، ولكن ماذا إذا أضفت ما يتميز به وطننا من وجود الحرمين الشريفين ضمن كيانه الكبير، وأنه وطن تهفو له قلوب كثيرين كمركز ديني، وحضاري، كان موطن العرب الأول، كل هذا لا يجعل وطننا مجرد وطن نفتخر به، بل نقدس مقدساته ونحترم رموزه، لكي نفخر بأنفسنا وانتمائنا لهذا الوطن المتميز.
أعيد القول: إن انتماءنا لهذا الوطن يجعل التنازل عنه مثل السباحة في فراغ الكون، فإن خسرت وطنك فلا وطن آخر سيعيد استزراعك فيه ولو أعاد استزراعك، فلن تكون أنت، فاحرص على قيم وطنك وأرضك حرصك على كرامتك ووجودك فلا مساومة في ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي