ربيع الهلال

في ظل الصيف الحارق يبدو أن الهلال مقبل على ربيع من نوع آخر، لن يكون طلقاً يختال باسماً من الحسن بالتأكيد، وليس بالضرورة أن يلطِّف لهيب درجات الحرارة الخمسينية، لكن من شأنه أن يؤدي إلى تفتيت اللُّحمة الهلالية، وأن يسهم في زعزعة استقرار البيت الأزرق.
قبل أكثر من عام كنت قد كتبت مقالاً بعنوان: "الهلاليون الجدد" أشرت فيه إلى أننا أصبحنا إزاء ثقافة هلالية جديدة غير معهودة، دشّن فيها لاعبون هلاليون مرحلة ربيع الاحتراف الكروي، وانقلبوا فيها على ثقافة التوقيع على بياض، وسياسة الابن البار، وأسطوانة "أريد الزعيم وإن كان عرضه الأقل" التي كان نجوم الهلال يعلنونها ويتباهون بها على الملأ، خلال فتح المفاوضات معهم، وعند كل توقيع، ويستجيبون لضغوطها ومؤثراتها فترات طويلة، على الرغم من المميزات الخيالية التي كانوا سيتمتعون بها لو قبِلوا عروض الأندية المنافسة، ولعل ما حدث ويحدث وسيحدث من ياسر والمحياني وهوساوي والفريدي ينبئ عن عقوق غير مسبوق في نظر الهلاليين، وهو أقسى وصف كان يصدر من مؤسس الهلال ابن سعيد - رحمه الله - تجاه كل مَن يفكر ولو لمجرد التفكير في الخروج على قاعدة "الابن البار للهلال".
المصادقة على أن لحظة الربيع الهلالي التي أشرت إليها قد حانت بالفعل جاءت هذه المرة من صالح الصقري عضو شرف الهلال وكانت قاسية بالتأكيد، فلم يتعود الهلال طوال تاريخه على أن يخرج أحد عن جادة الإجماع الهلالي التي أصبحت مضرب مثل أزرق وسمة يتغنى بها أنصار الهلال، فكيف بمَن يطالب عبر صحيفة "الجزيرة" بالإصلاح داخل المنظومة الهلالية، وعبر لهجة وكلمات حادة، وعلى شاكلة عبارات: "الأمير عبد الرحمن بن مساعد يجب أن يرحل"، "حان الوقت لمنح الفرصة للآخرين"، "ارحموا الهلال يا إدارته"، "إدارة يتلاعب بها الفريدي لا تستحق البقاء"، "في الجمعية العمومية لن أرشح الأمير عبد الرحمن بن مساعد للرئاسة من جديد"!
هذا الهجوم المفاجئ والتحول الرهيب في طبيعة العلاقة بين رئيس الهلال وعضو الشرف غير مألوف وجاء في توقيت غير مناسب للهلاليين، فهل من الممكن أن يحدث شرخاً في متانة العلاقات الشرفية الزرقاء؟ وماذا لو أثرت تبعاته في استعدادات الفريق القادمة؟ وكيف تتعامل إدارة الهلال مع هذا التصعيد الجديد؟
لا أحد ينكر إسهامات إدارة الأمير عبد الرحمن بن مساعد طيلة السنوات الأربع الماضية، لكن الفراغ الإداري والفني وغياب المشورة الشرفية ومأزق تسويق الأجانب في الهلال، جاءت في وقت حرج وتزامنت مع استحقاق وحلم آسيوي طال انتظاره، لذا كان من الطبيعي أن تكون هناك نيران صديقة، وإذا أرادت إدارة الهلال أن تجنب الفريق مغبة هذه الخلافات فعليها أن تتعامل مع مثل هذه التصريحات بذكاء بعيداً عن الانفعال والإثارة، وأن تحسم جميع الملفات الخاصة بالفريق وبشكل عاجل، أما غير ذلك فقد يتجاوز الهلال مسألة التوقيع على بياض وسياسة الابن البار إلى مرحلة أخطر وهي الصدامات الشرفية التي أدت إلى أن يشغل خلال أربع سنوات خمسة رؤساء منصب الرئيس في فريق منافس كالاتحاد مثلاً!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي