مسيرة وطن تتجدد رغم الظروف

رغم زلازل الحزن والأسى والألم، الذي حل بالسعودية قيادة ووطناً وشعباً بوفاة الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - يوم السبت الموافق 16 حزيران (يونيو) من العام الجاري، ومن قبله وفاة أخيه الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - بتاريخ 22 تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، إلا أن السعودية قيادة وحكومة وشعباً وقفت صامدة أمام هذه الفاجعة، وتصدت لها بثبات واقتدار، إيماناً منها بقضاء الله وقدره.
رغم الألم والحزن والأسى الذي خيم ليس فقط على السعودية وحدها بل طال الأمتين العربية والإسلامية والأسرة الدولية بأكملها، بفقدها رجلين عظيمين أمثال الأميرين سلطان ونايف - رحمهما الله - إلا أن المملكة قيادة وحكومة وشعباً تعاملت مع هذا المصاب الجلل بحكمة بالغة كعادتها في التعامل مع الأحزان، التي حلت بها في الماضي بوفاة قائدها ومؤسسها وموحدها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وعدد من أبنائه البررة ملوك المملكة.
المجتمع الدولي بأثره شهد للمملكة العربية السعودية بقدرتها الفائقة على التعامل مع مثل تلك الأزمات والمصائب، ولعل خير دليل وشاهد على ذلك أنه على الرغم من المصاب الجلل، إلا أن انتقال السلطة في المملكة يتم بشكل هادئ وسلس وجميل ورائع، بعيداً عن القلاقل والتشاحنات والضغائن والاضطرابات السياسية، التي عادة ما تشهدها دول العالم في مثل تلك الظروف.
يأتي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - يحفظه الله - بتعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء واحتفاظه بمنصبه وزيراً للدفاع، وأيضاً تعيين الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود، وزيراً للداخلية بعد مضي وقت قصير جداً من وفاة الأمير نايف بن عبد العزيز - يرحمه الله - لخير شاهد ودليل على سلاسة انتقال السلطة والقيادة بين المسؤولين الحكوميين في الدولة، رغم ما قد يمر به الوطن من صعاب وشدائد عظيمة كوفاة الأمير نايف بن عبد العزيز ومن قبله الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمهما الله.
هذا الانتقال السلس والمرن في السلطة بين القياديين الحكوميين في السعودية خصوصا على مستوى الأسرة الحاكمة، يسطر أنموذجاً يحتذى به على مستوى العالم في تغليب مصلحة الوطن والمواطن على أي اعتبارات وظروف صعبة تمر بها البلاد، كظروف وفاة الفقيدين الغاليين الأمير سلطان ونايف ابني الملك عبد العزيز آل سعود - يرحمهم الله جميعاً.
هذا الانتقال الأخير السلس والسريع في سلطة ولاية العهد ووزارة الداخلية في المملكة، شد انتباه الجميع ولفت أنظار المجتمع الدولي، خصوصا في ظل ما تشهده المنطقة العربية في عدد من الدول العربية من اضطرابات سياسية، نتيجة إفرازات وتبعات ما أطلق عليه ''الربيع العربي''.
قراءة لفالح الذبياني نشرت في صحيفة ''عكاظ'' في العدد 4019 بعنوان ''وطن يتكئ على قواعد راسخة وأسس صلبة، واسـتـقــرار يـؤتــي أكـلــه كــل حـيــن''، شخصت بواقعية تامة، سلامة ومتانة العملية السياسية في المملكة، والانتقال السلس للسلطة وفقا لنظام سياسي لم يختل توازنه منذ أن أرسى قواعده المغفور له - بإذن الله تعالي - مؤسس وموحد البلاد، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، والتزم به بعده أبناؤه من الملوك الذين تعاقبوا على قيادة المملكة.
هذا الانتقال السلس للقيادات الحكومية في المملكة، له آثاره الإيجابية ومنافعه الجليلة على الوطن والمواطن على حد سواء، لكونه يسهم بفاعلية في تثبيت مفاهيم الاستقرار السياسي والإداري في المملكة، التي تمتع به البلاد منذ أن توحدت على يد مؤسسها المغفور له - بإذن الله - الملك عبد العزيز آل سعود، كما أن هذا الاستقرار السياسي والاجتماعي سيعود بالنفع الكبير على الاقتصاد الوطني وعلى البيئة الاستثمارية المحلية، لكونه سيعزز قدرتها التنافسية على جذب الاستثمارات الأجنبية وتوطين الاستثمارات المحلية، لا سيما أن المملكة تحتل مراتب متقدمة للغاية على مستوى العالم في قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية نتيجة لاستقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
خلاصة القول، إنه على الرغم من المصاب الجلل الذي حل بالمملكة العربية السعودية قيادة ووطناً وشعباً بوفاة الأميرين الأخوين سلطان ونايف ابني المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - يرحمهما الله جميعاً - الحياة في السعودية لم تتوقف والأعلام لم تنكس رغم هول الفاجعة وعظم المصاب، والذي يدل بوضوح تام على تماسك الأسرة السعودية وحبها وطنها وقبل ذلك الرضا بقدر الله وحكمته.
حفظ الله بلادنا من كل شر وسوء، ورحم فقيدي الوطن الغالي الأميرين سلطان بن عبد العزيز ونايف بن عبد العزيز، وأسكنهما فسيح جناته، وجعل ما قدماه من أعمال جليلة للوطن وللعالم أجمع في موازين أعمالهم الطيبة والعظيمة، ووفق الله الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والأمير أحمد بن عبد العزيز، وزير الداخلية في مهامهم الجديدة وأعانهم على تحمل المسؤولية التي هم أهل لما فيه خدمة الدين والوطن والمواطن، وبما يكفل استمرار الاستقرار والرخاء والرفاه والطمأنينة، التي تنعم به بلادنا العظيمة، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي